للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- أما إذا كانت الحلية مباحة فإنه يصح بيع السلعة التي معها، أو مازجها ذهب بالعروض، وبالنقود الورقية، وبالشيكات، وبالنقود الفضية، دون اشتراط التماثل. وفي بيعها بالفضة والنقود الورقية نسيئة خلاف.

٣- لكن الفقهاء اختلفوا في بيعها بالذهب على قولين:

القول الأول: إذا كان مع الذهب شيء غيره؛ فإنه لا يحل بيع ذلك الشيء بذهب، لا بأكثر من وزنه، ولا بأقل، ولا بمثله حتى يفصل الذهب وحده، فيباع مثلا بمثل. وهو مذهب المالكية، والشافعية، وهو المذهب عند الحنابلة؛ نص عليه الإمام أحمد في مواضع كثيرة، وعليه جماهير الأصحاب، وهو قول زفر من الحنفية، وقول ابن حزم (١) . ومن الصحابة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد روى محمد بن عبد الله الشعبي عن أبي قلابة عن أنس قال (أتانا كتاب عمر ونحن بأرض فارس: لا تبيعوا سيوفا فيها حلقة فضة بالدراهم) (٢) . وصح عن ابن عمر: أنه كان لا يبيع سرجا ولا سيفا فيه فضة حتى ينزعه ثم يبيعه وزنا بوزن وروي فيه عن أمير المؤمنين علي – رضي الله عنه – شيء محتمل (٣) . قال السبكي (وكل هذه الآثار بأسانيد صحيحة) (٤) . وروى عن سالم بن عبد الله والقاسم بن محمد، وشريح، وابن سيرين، وإسحاق، وأبي ثور (٥) .

قال الإمام الشافعي: (فلا يجوز أن يشتري ذهبا فيه حشو، ولا معه شيء غيره بالذهب، كان الذي معه قليلا أو كثيرا؛ لأن أصل الذي نذهب إليه، أن الذهب بالذهب مجهول أو متفاضل، وهو حرام من كل واحد من الوجهين. وهكذا الفضة بالفضة) (٦) .

ويستثني أصحاب هذا القول – ما عدا ابن حزم – من المنع ما إذا كان الذهب المضموم مع غيره مصنوعا صناعة يتعذر معها فصل كل منهما عن الأخر أو أن فصلهما يؤدي إلى تخريب الصنعة. فهنا يكون المبيع قيميا فيجوز بيعه بالذهب. قال الإمام الشافعي: (وهكذا كل صنف من هذه خلطه غيره مما يقدر على تمييزه منه لم يجز بعضه ببعض إلا خالصا) (٧) .فقد قيد المنع بالقدرة على تمييزه. وقال الباجي عند ذكر الشروط التي يصح بها بيع المحلى بالذهب أو الفضة بجنسه، دون فصله: (أن يكون الحلي مرتبطا بالمحلى ارتباطا في إزالته مضرة فلا يقدر على إزالته من المبيع وتمييزه إلا بمضرة لاحقة) (٨) ؛ كالفصوص المصوغ عليها، وحلية السيف المسمرة عليه وأما القلائد التي لا تفسد عند نظمها فظاهر المذهب أنه لا تأثير لها في الإباحة (٩) .


(١) الأم ٣/٣١؛ المجموع ١٠/٢٣٣ وما بعدها؛ مغني المحتاج ٢/٢٨؛ الوجيز ١/١٣٧؛ مسائل الإمام أحمد ٣/٩١١؛ المغني ٦/٩٢؛ الإنصاف ٥/٣٣؛ المبدع ٤/١٣٤ و١٤٤؛ المحلى ٩/٥٤٩؛ فتح القدير ٧/١٤٤؛ الشرح الصغير وبلغة السالك ٢/١٥؛ القوانين الفقهية ص٢٥٢؛ بداية المجتهد ٢/١٩٧
(٢) المجموع ١٠/٢٥١
(٣) المجموع ١٠/٢٥١
(٤) المجموع ص٢٥٢
(٥) المجموع ١٠/ ٢٣٣؛ المغني ٦/٩٢
(٦) الأم ٣/٣١
(٧) الأم ٣/٢٠ كتاب الشعب، سنة ١٣٨٨هـ- ١٩٦٨م
(٨) المنتقى ٤/٢٦٩، وانظر: مواهب الجليل ٤/ ٣٣١؛ وانظر أيضا: إعلام الموقعين ٢/١٣٦؛ الإنصاف ٥/٣٦؛المغني ٦/٩٧
(٩) مواهب الجليل

<<  <  ج: ص:  >  >>