للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن قدامة: (وإن باع ما فيه الربا بغير جنسه، ومعه من جنس ما بيع به إلا أنه غير مقصود، كدار مموه سقفها بالذهب جاز. لا أعلم فيه خلافا. وكذلك لو باع دارا بدار مموه سقف كل واحدة منها بذهب أو فضة؛ جاز؛ لأن ما فيه غير مقصود بالبيع؛ فوجوده كعدمه) (١) .

وقال النووي: (لو باع دارا بذهب فظهر فيها معدن ذهب، أو باع دارا فيها بئر ماء بدار فيها بئر ماء، وقلنا الماء ربوي، صح البيع في المسألتين على الأصح لأنه تابع.) (٢) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيميه: (فإذا كان المقصود بيع الربوي بجنسه متفاضلا، وقد أدخل الغير حيلة، كمن يبيع ألفي درهم بألف درهم في منديل، أو قفيزي حنطة بقفيز في زنبيل فهذا لا ريب في تحريمه، كما هو مذهب مالك وأحمد والشافعى، وإن كان المقصود هو البيع الجائز وما فيه من مقابل ربوي بربوي داخل على وجه التبع كبيع الغنم بالغنم، وفي كل منهما لبن وصوف، أو بيع غنم ذات لبن بلبن، وبيع دار مموهة بذهب وبيع الحلية الفضية بذهب، وعليهما ذهب يسير موهت به، ونحو ذلك، فهذا الصواب فيه أنه جائز، كما هو المشهور من مذهب أحمد وغيره كما جاز دخول الثمرة قبل بدو صلاحها في البيع تبعا) (٣) .

القول الثاني: يجوز ذلك؛ إذا كان المفرد أكثر من الذي معه غيره، لا مثله، ولا دونه، أو يكون مع كل واحد منهما من غير جنسه وتكون الزيادة في مقابل المصاحب للربا؛ وهو مذهب الحنفية وحماد بن أبي سليمان، والشعبي، والنخعي، وراوية عن الإمام أحمد (٤) .


(١) المغني ٦/٩٦. وقد قسم ابن قدامة غير المقصود إلى ثلاثة أقسام: أحدها: (أن يكون غير المقصود يسيرا، لا يؤثر في كيل ولا وزن؛ كالملح فيما يعمل فيه، وحبات الشعير في الحنطة، فلا يمنع؛ لأنه يسير لا يخل بالمماثلة ... ، لأن وجود ذلك كعدمه) . الثاني: (أن يكون كثيرا، إلا أنه لمصلحة المقصود، كالماء في خل التمر، والزبيب، ودبس التمر، فهذا يجوز بيع الشيء منه بمثله، وينزل خلطه منزل رطوبته؛ لكونه من مصلحته، فلا يمنع من بيعه بما يماثله كالرطب بالرطب، ولا يجوز بيعه بما ليس فيه خلط، كبيع خل العنب بخل الزبيب، لإفضائه إلى التفاضل) الثالث: (أن يكون غير المقصود كثيرا، وليس من مصلحته؛ كاللبن المشوب بالماء، والأثمان المغشوشة بغيرها، فلا يجوز بيع بعضها ببعض؛ لأن خلطه ليس من مصلحته وهو يخل بالتماثل المقصود فيه) المغني ٦/٩٧
(٢) روضة الطالبين ٣/ ٣٨٦، وانظر: مغني المحتاج ٢/٢٩
(٣) مجموع الفتاوى ٢٩/٤٦٥، مواهب الجليل ٤/٣٣١؛ المنتقى٤/٢٦٨ وما بعدها
(٤) فتح القدير ٧/١٤٢ و١٤٣؛ رد المحتار ٤/٢٣٩؛ المغني ٦/٩٢؛ الإنصاف٥/٣٣؛ المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين؛ للقاضي أبي يعلى ١/٣٢١ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>