للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الخامسة

الإقالة في السلم

٥٠-لقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة إلى جواز الإقالة في السلم. فإذا أقاله رب السلم وجب على المسلم إليه رد الثمن إن كان باقياً، أو مثله إن كان مثليًّا، أو قيمته إن كان قيميا إذا لم يكن باقياً. (١) قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الإقالة في جميع ما أسلم فيه جائزة. (٢)

واستدلوا على ذلك:

أولا: بما روى أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: ((: من أقال نادمًا بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة)) (٣) حيث ندب النبي عليه الصلاة والسلام إلى الإقالة مطلقاً، فيدخل فيه السلم، كما يدخل فيه البيع المطلق؛ لأن السلم نوع من البيع. (٤) قال الكاساني: (ولأن الإقالة في بيع العين إنما شرعت نظرا للعاقدين دفعًا لحاجة الندم، واعتراض الندم في السلم ههنا أكثر، لأنه بيع بأوكس الأثمان، فكان أدعى إلى شرع الإقالة فيه) . (٥)

ثانيا: وبأن الحق لهما، فجاز لهما الرضا بإسقاطه، (٦) إذ الإقالة فسخ للعقد ورفع له من أصله. (٧)

٥١- وخالفهم في ذلك ابن حزم فقال: (ولا تجوز الإقالة في السلم؛ لأن الإقالة بيع صحيح على ما بينا قبل، وقد صح نهي النبي (صلى الله عليه وسلم) عن بيع ما لم يقبض، وعن بيع المجهول، لأنه غرر، لكن يبرئه مما شاء منه، فهو فعل خير) (٨)


(١) ابن قدامة، المغني، مرجع سابق٤/٣٣٦؛ الشيرازي، المهذب، مرجع سابق ١/٣٠٩، الكاساني، البدائع، مرجع سابق ٥/٢١٤، سحنون، المدونة، ٩/٦٩ مط. السعادة بمصر سنة ١٣٢٣ هـ ابن رشد بداية المجتهد مرجع سابق ٢/٢٣١.
(٢) ابن قدامة، المغني، مرجع سابق ٤/٣٣٦.
(٣) أخرجه أبو داود وابن ماجه والحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه وغيرهم. (ابن حجر، الدراية في تخريج أحاديث الهداية ٢/١٥٤
(٤) الكاساني، البدائع، مرجع سابق ٥/٢١٤
(٥) الكاساني، البدائع، مرجع سابق ٥/٢١٤
(٦) الشيرازي، المهذب، مرجع سابق ١/٣٠٩
(٧) ابن قدامة، المغني، مرجع سابق ٤/٣٣٦
(٨) ابن حزم، المحلى، مرجع سابق ٩/١١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>