للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاصة الآراء في الموضوعين – البيع وفي السلم – وهي أن الجهالة التي ترجع إلى وجود الأجل تفسد العقد باتفاق، وذلك مثل التأجيل إلى حبل الحبلة أو إلى قدوم حاج معين، أما الجهالة التي ترجع إلى وقت حصول الأجل أي التي يكون فيها الأجل محقق الحصول لكن الوقت الذي سيحصل فيه غير محدد مثل البيع أو السلم إلى الحصاد أو إلى قدوم الحاج، فقد اختلفوا في إفسادها للعقد، فقال الحنفية، والشافعية، والحنابلة في رواية، والظاهرية، والشيعة الإمامية: هي مفسدة للعقد –الجمهور-كالجهالة التي ترجع إلى وجود الأجل، وقال المالكية والحنابلة في رواية: لا تفسده. وإني أرجح رأي المالكية في أن الجهالة التي ترجع إلى وقت حصول الأجل لا تفسد العقد، لأن الأجل سيجيء حتماً، وقد يكون للعاقد غرض صحيح من هذا التأجيل، كما في التأجيل إلى الحصاد وكون الحصاد يتقدم أو يتأخر بعض الشيء هذا لا يؤثر. هذا وقد اشترط بعض الفقهاء أن يكون الأجل معلوما بالأهلية، وقد شدد الشافعي في هذا حتى أبطل العقود التي يكون فيها مؤجلًا إلى أجل غير محدد بالأهلية، واستدل بالآيات التي وردت في هذا الشأن {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة:١٨٩] إلى آخر الآيات التي من هذا القبيل.

هذا ولا نزاع في أن الأجدر بالمسلمين أن يعلموا آجالهم بالأهلة ما أمكن، لأن الله ذكرها في كتابه العزيز، وأخبر أنها مواقيت للناس، ولكني لا أرى ذلك أمرا لازما يترتب عليه على عدمه فساد عقود المسلمين كما يرى الإمام الشافعي؛ لأنه ليس ثمة دليل نقلي ولا عقلي على إلزام المسلمين بذلك، والأدلة التي ساقها الإمام الشافعي تدل على أن الأهلية مواقيت للناس، ولكنها لا تدل على أن المواقيت لا تكون بغيرها، ومن أجل هذا خالف فقهاء الشافعية إمامهم في هذه المسألة، فاعتبروا الأهلة وغيرها مما يعرفه الناس أجلا معلوما.

<<  <  ج: ص:  >  >>