للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط الثاني: أن يكون المسلم فيه مما يغلب وجوده عند حلول الأجل.وهذا شرط متفق عليه بين جميع الفقهاء؛ لأن المسلم فيه واجب التسليم عند حلول الأجل فلا بد أن يكون تسليمه ممكنا حينذاك وإلا كان من الغرر الممنوع، وعلى هذا فلا يجوز أن يسلم في ثمر إلى أجل لا يعلم وجود ذلك الثمر فيه أو لا يوجد فيه إلا نادراً، كما لا يجوز أن يسلم في ثمار نخلة معينة أو ثمار بستان بعينه، وقد كان أهل الجاهلية حين قدم النبي (صلى الله عليه وسلم) يسلمون في ثمار نخيل بأعيانها فنهاهم عن ذلك، وقصة اليهودي معروفة.

يترتب على هذا الشرط عند جمهور الفقهاء أن وجود المسلم فيه عند العقد ليس شرطًا عند الجمهور، فلا يشترطون وجود المسلم فيه عند العقد ولا بعده قبل حلول الأجل. الشرط هو (وجوده عند حلول الأجل) فلا يضر عندهم عدم وجوده عند العقد، كما لا يضر انقطاعه بين العقد والأجل، واستدلوا لهذا ببعض الأدلة وخالفهم الحنفية فقالوا: يشترط وجود المسلم فيه في الأسواق من حين العقد إلى حين حلول الأجل، ولو لم يكن موجودا عند المسلم إليه، لكن وجوده في الأسواق لا بد منه فالسلم عند الحنفية لا بد أن يكون في إبان وجود المسلم فيه، فلو كان المسلم فيه موجودا عند العقد وغير موجود عند حلول الأجل لا يجوز السلم، وهذا محل اتفاق، وكذلك لا يجوز السلم عند الحنفية إذا كان المسلم فيه موجودا عند حلول الأجل، ولكنه غير موجود عند العقد، أو كان موجودًا عند العقد وعند حلول الأجل، لكنه انعدم فيما بين ذلك. كل هذه عندهم تفسد العقد. وينبني على هذا الشرط أن السلم عند الحنفية ليس من بيع المعدوم، وإنما هو من بيع ما ليس مملوكا للبائع. عند الجمهور قد يكون من بيع المعلوم وقد يكون من بيع ما ليس مملوكا للبائع، أما عند الحنفية فهو من بيع ما ليس عند البائع وليس من بيع المعدوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>