للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنسبة إلى منع اشتراط الخيار في عقد السلم كما ذهب إليه الحنفية والشافعية والحنابلة، منعوا من اشتراط الخيار في عقد السلم، وقد ذكر لهذا الحكم هذه الجملة كدليل: إن إثبات خيار الشرط يؤدي إلى أن يتفرقا قبل تمام قبض العوض. أقول: إن قبول عقد السلم لخيار الشرط لا يؤدي إلى التفرق قبل قبض العوض؛ لأن معنى الخيار هو وجود حق الفسخ للمشروط له، فقد يحصل الفسخ بإعمال هذا الحق، وحينئذ لا يوجد عقد سلم بعد الفسخ، وقد لا يحصل الفسخ نتيجة عدم إعمال هذا الحق، وحينئذ يبقى عقد السلم الذي حصل فيه قبض الثمن بحاله وهو عقد صحيح رغم وجود خيار الشرط، وحينئذ لا ارتباط بين حصول التفرق بعد قبض الثمن وتمامية العقد وكون أن أحد المتعاملين أو كليهما له حق الفسخ. فليس منع خيار الشرط مبنيا على اشتراط قبض رأس مال السلم في مجلس العقد إلا على القول بأن العقد إذا كان فيه خيار لم يكن تاما كما ذهب إليه الشيخ الطوسي من الإمامية ولم يحصل النقل والانتقال وهو أمر ثبت بطلانه، حيث إن الخيار في العقد يجعل العقد جائزا بدل اللزوم، لا أنه لم يحصل فيه النقل والانتقال كما هو واضح، ولعل المؤيد لصحة وجود خيار الشرط مع تمامية عقد السلم حصول القبض قبل التفرق هو وجود خيار الغبن في عقد السلم.

ذكر بعض من الفقهاء حرمة بيع مال السلم قبل قبضه، أو حرمة بيع الطعام قبل قبضه لوجود النهي من قبل النبي (صلى الله عليه وسلم) .

أقول: إن مسألة اشتراط قبض بضاعة السلم قبل قبضها أو اشتراط قبض الطعام قبل بيعه معناه بطلان البيع قبل القبض، وهو حكم وضعي، وصحة البيع بعد القبض أيضا هو حكم وضعي. هذا لا ارتباط له بالحرمة التكليفية حيث إن نهي النبي (صلى الله عليه وسلم) عن البيع قبل القبض إرشاد إلى شرطية القبض في البيع، ومع عدم القبض يكون العقد باطلا فقط، لا حرمة تكليفية. وحينئذ إذا بطل العقد يأتي الحكم التكليفي بوجوب إرجاع الثمن إلى صاحبه، فإن لم يرجعه فهو عمل محرم مترتب على بطلان العقد وعدم إرجاع الثمن إلى صاحبه وهذا أمر آخر غير حرمة نفس البيع قبل القبض.

<<  <  ج: ص:  >  >>