للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنسبة لفكرة السلم الموازي، فليست هذه الفكرة هي فكرة حادثة واصطلاح حادث لأننا وجدنا الآثار المروية عن الإمام الصادق (عليه السلام) وهو المتقدم على أئمة المذاهب الأربعة يجيز فكرة السلم الموازي بطريق الحوالة والوكالة في القبض، كما ذكرت ذلك مفصلا في البحث. وفكرة السلم الموازي فكرة صائبة للفرار من بطلان بيع الطعام أو المكيل والموزون أو بضاعة السلم قبل القبض أو قبل الأجل إلى طريقة أخرى جديدة لها أحكامها الخاصة وهي بعيدة عن بيع مال السلم قبل قبضه أو قبل أجله، كما أنها بعيدة عن ربح ما لم يضمن على تقدير القول به، وبعيدة عن الربا الذي نسب القول به إلى ابن عباس القائل: إن هذا عبارة عن بيع دراهم بدراهم، فإننا لا نجد شبهة الربا في السلم الموازي حتى إذا قلنا به في بيع مال السلم قبل قبضه، وبهذا ستكون فكرة السلم الموازي خير طريق لإيجاد أدوات التجارة الرابحة المحللة.

بالنسبة للشرط الجزائي في صورة تأخير البائع في تسليم البضاعة السليمة. كنا قد رأينا في البحث المقدم للمجمع الموقر عدم الفرق بين صحة الشرط الجزائي في الأعمال والبيوع، ولكن نعلن هنا استثناء بيع السلم الذي يكون المثمن فيه كليا في الذمة ومؤجلا إلى أجل لما ثبت من أن تأجيل الثمن في بيع النسيئة في مقابل المال يكون ربا محرماً، فكذا تأجيل المثمن في بيع السلَم في مقابل المال يكون محرمًا لأنه من مصاديق (انظرني أزدك) ، فإن بيع السلَم وإن كان بيعًا لكن المثمن فيه مؤجل فهو دين في ذمة البائع فيكون تأجيله أو تأخيره في مقابل المال ربا محرماً، وإن كنا نقول بصحة الشرط الجزائي في الإجارة وفي البيوع التي ليس فيها الثمن أو الثمن مؤجلاُ. نعم، الطريق لضبط البائع في التزامه بالعقد هو شرط المشتري عليه كمية من المال في صورة تخلفه عن تنفيذ العقد، وهذا هو العربون الذي أجازه المجمع في دورة سابقة، ولكن هذا ليس بديلًا للشرط الجزائي في صورة تأخر البائع عن تسليم البضاعة.

بقي شيء أخير بالنسبة لبيع البضاعة السليمة قبل قبضها. فقد منع منها مشهور العلماء الإمامية في خصوص المكيل والموزون لورود روايات كثيرة وصحيحة تمنع هذا فقط، وعلى هذا الرأي. ورأي من يقول: إن الممنوع من البيع قبل القبض هو في الطعام، يتبين أن العلة في المنع ليست هي ربح ما لم يضمن، ليست هي الربا، إذا كانت العلة هي هاتين فلم أجيز بيع ما لم يكن طعاما عند بعض الفقهاء، أو غير مكيل أو غير موزون عند الإمامية؟ كما لم تكن العلة هي الغرر لما ذكر أيضاً. إذن, إذا امتنعت هذه العلل الثلاث من كونها هي العلل الحقيقية للمنع عن بيع الطعام أو بيع المكيل والموزون قبل قبضه. وطبعًا إذا ثبتت هاتان تتقيد الروايات التي تمنع من بيع بضاعة السلَم قبل قبضها بهاتين الطائفتين من الروايات. ينفتح لدينا القول بأن النهي عن بيع ما لم يقبض هو نهي تعبدي فيقتصر فيه على مورده ويسوغ تجويز السلَم الموازي الذي يكون على سبيل الحوالة والوكالة في القبض.

والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>