للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-شواهد الحنابلة في سد الذرائع:

الحنابلة كالمالكية في القول بسد الذرائع، ولكنهم في التطبيقات أقل منهم، من الأمثلة عندهم (١) اتفاقهم مع المالكية في المنع من بيوع الآجال وهي كما تقدم: أن يبيع السلعة بنسيئة ثم يشتريها نقدًا، ومنع بيع العينة كأن يبيع سلعة بنقد، ثم يشتريها بأكثر منه نسيئة إلا أن يغير السلعة؛ لأن ذلك يتخذ وسيلة إلى السلف بزيادة. ومن ذلك: لو أقرضه شيئًا، وباعه سلعة بأكثر من قيمتها، أو اشترى منه سلعة بأقل من قيمتها، توصلًا إلى أخذ عوض عن القرض، فكل ما كان من هذا على وجه الحيلة فهو خبيث محرم، ومنع بيع العنب لمن يعصره خمرا، وبيع السلاح لأهل الحرب أو لقطاع الطرق أو في الفتنة وكراهية الشراء ممن يرخص في سلعته ليمنع الناس من الشراء من جاره، ونحو ذلك مما هو ذريعة الإثم.

وتحريم الحيل لمناقضتها سد الذرائع، كشراء ثمرة قبل بدو صلاحها، واشتراط قطعها في الحال، ثم تركها حتى يبدو صلاحها، في رواية عن الإمام أحمد، وكبيع رطلي تمر بدرهم، ثم شراء رطل تمر جيد بذلك الدرهم، في حال التواطؤ على ذلك والحيلة.

وسد ذرائع الابتداع في الدين فيما هو مشروع في أصله، لكنه يؤدي مع الجهل وطول الزمن إلى تغيير المشروعات وقلب الأحكام.

وإيقاع طلاق الثلاثة بلفظ واحد ثلاثًا، فإنه ذريعة إلى نكاح التحليل، فيكون المختار في رأي ابن تيمية وابن القيم إيقاعه طلقة واحدة.

وعدم قبول توبة الزنديق المشهود بالزندقة، إذا ارتد، استثناء من حكم استتابة المرتد.

ومنع الوكيل بالبيع من شراء الشيء لنفسه، سد للذريعة، وفي رواية عن أحمد. وضمان من منع الطعام أو الشراب عن غيره، مع غناء عنه، فتجب عليه الدية في ماله، وإجارة الأرض بطعام معلوم، من جنس ما يزرع فيها في رواية عن أحمد؛ لأنه يجعل ذريعة إلى المزارعة عليها، بشيء معلوم من الخارج منها.


(١) الذرائع للأستاذ هشام البرهاني: ص ٦٣٩ ـ ٦٥٠، إعلام الموقعين ٣/ ١٦٩ وما بعدها فتاوى ابن تيمية ٣/ ١٤٥ ـ ١٤٩، شرح الكوكب المنير ٤/ ٤٣٦

<<  <  ج: ص:  >  >>