للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧- أثر القول بسد الذرائع، اعتبارها وعدم اعتبارها في الفروع الفقهية:

تبين من شواهد سد الذرائع عند العلماء أن الحكم قد يتغير ويختلف فيما بينهم، فيكون حرامًا أو مكروهًا عند جماعة خلافًا لغيرهم، وقد يوصف العقد بالبطلان أو الفساد كبيوع الآجال عند جماعة وهم الجمهور والصحة عند آخرين وهم الشافعية، وقد يكون العقد مع صحته مكروهًا كما ذكر الشافعية في طائفة من العقود كبيع العنب لعاصره خمرًا، وبيع الحربي أو الذمي في دار الحرب حديدًا ونحوه مما يتأتى أو يصنع منه السلاح إذا كان يغلب على الظن أنه يعمله سلاحًا واكتفوا بالقول بالكراهة؛ لأنه لا يتعين جعل الحديد عدة حرب.

والخلاف في بيوع الآجال وهي محل النزاع الشهير في اعتبار الذرائع وعدم اعتبارها محصور في دائرة ضيقة، وذلك فيما إذا لم تنكشف نية المتعاقد، ولم يدل على قصد الربا فيها دليل من تكرار أو غيره.

قال القرافي (١) : من باع سلعة بعشرة دراهم إلى شهر، ثم اشتراها بخمسة، وأخذ عشرة إلى آخر الشهر، فهذه وسيلة السلف: خمسة بعشرة إلى أجل، بإظهار صورة البيع لذلك، والشافعي ينظر إلى صورة البيع، ويحمل الأمر على ظاهره، فيجوز ذلك. وهذه البيوع يقال: إنها تصل إلى ألف مسألة اختص بها مالك (ومعه أحمد) وخالفه الشافعي، ويجيز الحنفية بيع الأجل إن توسط شخص ثالث، وإلا فسد العقد، ومنشأ الخلاف يرجع إلى مسألة مهمة في الشريعة الإسلامية، وهي مسألة " النية واللفظ في العقود ". وفي هذه المسألة اتجه الفقه الإسلامي اتجاهين (٢) .


(١) الفروق ٢/٣٢
(٢) أصول الفقه الإسلامي للدكتور وهبة الزحيلي ٢/ ٨٨٩ ـ ٩٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>