للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-الأول ـ مذهب الشافعي، وقريب منه مذهب أبي حنيفة:

الاعتداد بالألفاظ في العقود دون النيات والقصود إذ إن نية السبب والغرض غير المباح شرعًا مستترة، فيترك أمرها لله وحده، يعاقب صاحبها عليها، ما دام أتم بنيته، ومن هنا قرروا أن (المعتبر في أوامر الله المعنى والمعتبر في أمور العباد الاسم واللفظ) أي فيما إذا لم يكن في العقد ما يدل على النية والقصد صراحة، فإن ظهر القصد في العقد صراحة أو ضمنًا بقرائن، فيعمل بقاعدة: (العبرة بالمعاني لا بالألفاظ والمباني) (١) . وهكذا فكل عقد عند الشافعي تؤخذ أحكامه من صيغته ومما لابسه واقترن به، ففساده يكون من صيغته، وصحته تكون منها، ولا يفسد لأمور خارجة عنه، ولو كانت نيات ومقاصد لها أمارات، أو ولو كانت مآلات مؤكدة ونهايات ثابتة، فهم يصححون بيوع الآجال لنظراتهم الظاهرية.

ومعنى هذا الاتجاه أن الشافعية لا يأخذون بنظرية الباعث في العقود، وإنما يعتمدون على ظواهر الصيغة أو ألفاظ التعاقد، كما أنهم لا يحكمون على التصرف بالصحة أو بالبطلان بحسب الغاية أو المآل، ويقولون: إن الشريعة تبنى على الظاهر، وسد الذرائع من مظاهر الاجتهاد بالرأي، وهم لا يصرحون بالأخذ منها إلا بالقياس، لكنهم في الواقع يرون أن سد الذرائع معتبر عندهم كالاستحسان، ضمن المصادر الأصلية الأخرى.


(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم: ص ١١٠ وما بعدها؛ حاشية الحمدي على الكتاب السابق ٢/ ١٢ وما بعدها، الأشباه والنظائر للسيوطي ٤٠، ١٤٨ ـ ١٤٩ مغني المحتاج ٢/ ٣٧ ـ٣٨ الملكية ونظرية العقد للشيخ محمد أبو زهرة ص ٢١٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>