للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الرابع

حكم التحكيم

٣٤ – حكم التحكيم هو النتيجة المستهدفة من نظامه وفق المجريات العادية للأمور، فإذا اتفق الخصمان على التحكيم، وارتضيا محكمًا تتوافر فيه الأهلية المطلوبة، وكانت منازعتهما من الموضوعات التي يجوز فيها التحكيم، وأنزل عليه الحكم شرع الله، فقد أشرف التحكيم على غايته، بل وانقضى بصدور الحكم الذي كانت تلك الإجراءات من أجله، فانتهت بذلك مهمة الحكم وأصبح كآحاد الناس لا ولاية له على الموضوع، وبالتالي فلا يملك الرجوع عما قضى به، بإلغائه أو بحكم للخصم الآخر؛ لأن الحكومة قد تمت بالقضاء الأول، فكان قضاؤه الثاني باطلًا (١)

على أن انقضاء التحكيم بصدور الحكم، لا يمنع ولي الأمر – في تنظيمه للتحكيم – أن يمنح المحتكم إليه حق تصحيح ما وقع في حكمه من أخطاء مادية بحتة، كتابية أو حسابية، أو يقر له بسلطة إصدار تفسير لما وقع في منطوق حكمه من غموض أو إبهام، وذلك على نحو ما انتهجه نظام التحكيم السعودي الجديد ونص عليه في المادتين ٤٢،٤٣ من اللائحة التنفيذية.

وما دام التحكيم قد اتخذ وسيلة لإنهاء النزاع الذي عجز الطرفان عن حسمه رضاء بأنفسهما، فإن صدور الحكم يستتبع التزام الطرفين به، وإلا ففيم كانت هذه المعاناة؟ وقد كان في وسع الطرفين لو أرادا معرفة حكم الله دون التزام بالتنفيذ، أن يلجأ إلى طريق الفتوى، فالمستفتي إذا لم يعمل بما أفتي به، وسعه أن يستفتي مفتيًا آخر ويعمل بما يفتيه (٢) .


(١) الموسوعة الفقهية الصادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت ج ١٠ ص ٢٤٤ والمراجع المشار إليها فيها
(٢) فتوى المرحوم الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي مصر الأسبق المنشورة في المجلد السادس من الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية ص ١٩٩٧ والمرجع المشار إليه فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>