للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان تصفح أحكام القاضي المولى في نظر شق غير قليل من رجالات الفقه الإسلامي واجبًا، إذا كان جاهلًا أو فاسقًا أو نحو ذلك (١) ، فإن الأخذ بهذا – في شأن التحكيم – أولى عند إضفاء ولاية الإجبار على الحكم.

٣٧- وفيما عدا ما سلفت الإشارة إليه، فإن حجية حكم التحكيم – لدى الجمهور – هي كحجية حكم القاضي، لا تكاد تختلف عنها إلا في أمرين اثنين:

أولهما: أن جمهور الفقهاء يرون أن حكم القاضي المولى يسري على الكافة في بعض الدعاوى وهي دعاوى الحرية والنسب والنكاح والولاء، على خلاف في تفصيلات ذلك، وهذا لا ينطبق على حكم التحكيم لقصور ولايته على من رضي به، ولعدم استناده إلى ولاية عامة تسمح بتعدية الحكم إلى غير الخصوم في الحالات التي تقتضي ذلك، هذا إلى جانب أن معظم الفروع التي تنبثق عن الدعاوى الأربع السابقة لا تصلح أن تكون موضوعًا للتحكيم وفقًا لرأي الغالبية العظمى من فقهاء الشريعة الإسلامية.

ثانيهما: أنه إذا اشتمل حكم القاضي المولى على قضاء ضمني، فإنه يحوز الحجية كالقضاء القصدي، فالقضاء على الكفيل بالدين هو – بصفة عامة- قضاء على الأصل به – والقضاء بالدية على القاتل – هو قضاء على العاقلة عند من يرى وجوب القضاء بالدية أولًا على القائل ثم تتحملها العاقلة.

أما بالنسبة لحكم التحكيم فإن حجية القضاء الضمني فيه مقصورة على الخصوم الماثلين في الدعوى، ولا تتعدى إلا غائب – بحسب الأصل – فإذا لم يرض المدين الأصيل بالتحكيم، فالحكم الذي يصدر على الكفيل لا حجية له عليه، وإذا صدر حكم التحكيم على القاتل فلا حجية له على العاقلة التي غابت عن التحكيم ولم تختصم فيه، حتى في الحالات التي يجب فيها الحكم على القاتل أولًا.


(١) الدكتور محمد نعيم ياسين، المرجع السابق، ص ٤٢ وما بعدها؛ والدكتور عبد الحكيم أحمد شرف، المرجع السابق، ص ٥٩ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>