للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل السادس

الإسلام ومبدأ التحكيم الدولي

٤٦ – قالت المادة (٢٧) من اتفاق لاهاي رقم ١ لسنة ١٩٠٧ الخاص بالحل السلمي للمنازعات الدولية، تعريفًا بالتحكيم الدولي، أنه يهدف إلى حل المنازعات بين الدول، بوساطة قضاة يختارونهم على أساس احترام القانون (١) .

ويشير هذا التعريف إلى أن التحكيم الدولي هو كالتحكيم في المنازعات الخاصة بين الأفراد يقوم على الرضا الذي يحدد – بحسب الأصل – موضوع التحكيم، وزمانه، ومكانه، وشخصية المحكمين، والقواعد التي يجب تطبيقها، أو يعلن الموافقة على التحكيم في موضوع محدد، أمام جهة معينة، يخضع التحكيم فيها لإجراءات وقواعد معلومة سلفًا، وقد يجري بواسطة أشخاص يختارون من بين أسماء يتضمنها جدول معلن من قبل.

وما يميز التحكيم الدولي الذي نحن بصدد عن غيره، هو أنه تحكيم بين الدول لا بين الأفراد، فلا يجوز لغير الدول – بحسب الأصل – أن يكونوا أطرافًا فيه، إلا إذا نص على ذلك في الاتفاق الخاص، كما حدث في معاهدة فرساي حين تضمنت المادتان ٣٠٤، ٣٠٥ منها، ما يسمح بإنشاء محاكم تحكيم مختلطة يتقاضى أمامها الدول والأفراد (٢) .

ومن ناحية أخرى، فإن التحكيم الدولي لا ينال – في ظاهره – من سلطان القضاء في الدول فحسب، وإنما هو قد يمس سيادة الدولة كاملة، وذلك لخطورة الموضوع المعروض فيه، واتصاله في كثير من الأحوال بمصالح الدولة العليا، مما قد يقتضي التريث قبل الإقدام عليه حتى لا تجد الدولة نفسها ملزمة بما لا يمكنها التحلل منه مستقبلًا بعد صدور حكم التحكيم فيه.


(١) الدكتور عبد العزيز محمد سرحان، القانون الدولي العام، القاهرة سنة ١٩٩١ ص ٩٠
(٢) الدكتور عبد العزيز محمد سرحان، نفس المصدر ص ٩٣

<<  <  ج: ص:  >  >>