للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تعرض بعض الفقهاء عدة فروع، من ذلك ما جاء في مغنى المحتاج: (واستثنى البلقيني من جواز التحكيم: الوكيلين، فلا يكفي تحكيمهما، بل المعتبر تحكيم الموكلين والوليين، فلا يكفي تحكيمهما إذا كان مذهب المحكم يضر بأحدهما.

والمحجور عليه بالفلس لا يكفي رضاه إذا كان مذهب المحكم يضر بغرمائه، والمأذون له في التجارة وعامل القراض لا يكفي تحكيمهما، بل لا بد من رضاء المالك.

والمحجور عليه بالسفه لا أثر لتحكيمه. قال: ولم أر من تعرض لذلك (١) .

شروط المحتكم إليه:

الأصل عند جمهور الفقهاء: أن يكن المحتكم إليه أهلًا لولاية القضاء (٢) ، وهذه الأهلية تختلف باختلاف المذاهب. ومع ذلك يتسامح الفقهاء في غياب بعض شروطها لدى المحتكم إليه، مراعاة لإرادة المتنازعين الذين وقع اختيارهما عليه لصفات قد لا تتوافر في القاضي؛ ولأن ولايته قاصرة على نزاع بعينه، ويمكنه التنحي قبل إصدار حكمه، فنستعرض فيما يلي أهم هذه الشروط:

١- يشترط أن يكون المحتكم إليه معلومًا ومعينًا بالاسم أو بالصفة، فلو اتفق الخصمان على تحكيم أول من يدخل المسجد – مثلًا – لم يجز بالإجماع، لما فيه من الجهالة (٣) .

٢- يشترط أن يكون المحتكم إليه مكلفًا، بأن يكون بالغًا عاقلًا، وذلك لنقص كل من الصبي والمجنون (٤) . ولا يكتفى فيه بالعقل الذي يتعلق به التكليف من علمه بالمدركات الضرورية حتى يكون صحيح التمييز جيد الفطنة بعيدًا عن السهو والغفلة، يتوصل بذكائه إلى إيضاح ما أشكل وفصل ما أعضل (٥) .

٣- يتشرط أن يكون المحتكم إليه ذكرًا. وقال أبو حنيفة: يجوز أن تقضي المرأة فيما تصح فيه شهادتها، وشذ ابن جرير الطبري فجوز قضاءها في جميع الأحكام (٦) .


(١) الشربيني الخطيب، مغني المحتاج: ٤ / ٣٧٩؛ وانظر كذلك: ابن عابدين: ٥ /٤٣٠؛ الفتاوى الهندية: ٣ / ٢٧١. وقد نصت المادة (٢٠٣ / ٤) من القانون الاتحادي رقم (١١) لسنة ١٩٩٢ في شأن الإجراءات المدنية على أنه لا يصح الاتفاق على التحكيم إلا ممن له أهلية التصرف في الحق محل النزاع
(٢) الكاساني، بدائع الصنائع: ٧ /٣؛ الحطاب مواهب الجليل: ٦ / ١١٢؛ الشربيني الخطيب، مغنى المحتاج: ٤/ ٣٧٨؛ مصطفى السيوطي الرحيباني، مطالب أولي النهى: ٦ / ٤٧١؛ العاملي، الروضة البهية: ١ / ٢٣٨.
(٣) ابن نجيم، البحر الرائق: ٧ / ٢٦، الزيلعي، تبيين الحقائق: ٤ / ١٩٤
(٤) الشربيني الخطيب، مغني المحتاج: ٤ / ٣٧٥، وقارن: حاشية الدسوقي: ٤/ ١٣٦ – ١٣٧.
(٥) الموردي، الأحكام السلطانية، القاهرة: ١٣٨٦ – ١٩٦٦، ص ٦٥
(٦) الأحكام السلطانية: ٦٥؛ حاشية الدسوقي: ٤ / ١٣٦ – ١٣٧؛ الشوكاني، نيل الأوطار: ٨ / ٢٧٤؛ ابن قدامة؛ المغني مع الشرح الكبير، ج ١١، ص ٣٨٠؛ وانظر: العاملي، الروضة البهية: ١ / ٢٣٨، حيث يقول: وأما الذكورية فلم ينقل أحد فيها خلافًا، ويبعد اختصاص قاضي التحكيم بعد اشتراطها وإن كان محتملًا، ولا ضرورة هنا إلى استثنائها

<<  <  ج: ص:  >  >>