للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- يشترط أن يكون المحتكم إليه مسلمًا، وأجاز الحنفية تقليد غير المسلم القضاء على غير المسلمين (١) .

٥- يشترط في المحتكم إليه العدالة، أي: (أن يكون صادق اللهجة، ظاهر الأمانة، عفيفًا عن المحارم، متوقيًا المآثم، بعيدًا من الريب مأمونًا في الرضا والغضب، مستعملًا المروءة مثله في دينه ودنياه، فإذا تكاملت فيه فهي العدالة التي تجوز بها شهادته، وتصح معها ولايته) (٢) . وعند الحنفية: العدالة ليست شرطًا لجواز التقليد، ولكنها شرط كمال: فيجوز تقليد الفاسق، وتنفيذ قضاياه إذا لم يتجاوز فيها حد الشرع، وبذلك قال بعض المالكية (٣) .

٦- كمال الخلقة، بأن يكون سميعًا بصيرًا ناطقًا، وقد جوز بعض أصحاب الشافعي قضاء الأعمى (٤) ، فيصح الاحتكام إليه، وعند المالكية، يجب أن يكون الحاكم سميعًا بصيرًا متكلمًا، واتصافه بذلك واجب غير شرط، فينفذ حكم الأعمى والأصم الأبكم إن وقع صوابًا (٥) .

٧- يشترط أن يكون المحتكم إليه من أهل الاجتهاد، وقال بعض الحنفية: يجوز أن يكون عامِّيًّا، فيحكم بالتقليد؛ لأن الغرض منه فصل الخصائم، فإذا أمكنه ذلك بالتقليد جاز، كما يحكم بقول المقومين (٦) . وبمثل ذلك قال ابن فرحون المالكي (٧) .

وقد نقل الكمال بن الهمام عن الغزالي: (أن اجتماع هذه الشروط، من العدالة والاجتهاد وغيرهما، متعذر في عصرنا، لخلو العصر عن المجتهد والعدل. فالوجه: تنفيذ قضاء كل من ولاه سلطان ذو شوكة، وإن كان جاهلًا وفاسقًا) (٨) . وإذا كان هذا القول ينصب على القاضي، فإنه – من باب أولى –يصدق بالنسبة للمحتكم إليه.

٨- ويشترط في المحتكم إليه ألا تكون بينه وبين أحد الخصمين قرابة تمنع من الشهادة، ويجوز أن يحكم الخصم خصمه، ويمضي حكمه إن لم يكن جورًا بينًا، وهذا مذهب الحنفية والحنابلة، وهو المعتمد عند المالكية، وبه قال بعض الشافعية (٩) .


(١) ابن عابدين:٤ /٤٢٩؛ قال في مغنى المحتاج: ٤ / ٣٧٥: (وأما جريان العادة بنصب حاكم من أهل الذمة عليهم، فقال الماوردي والروياني: إنما هي رياسة وزعامة، لا تقليد حكم وقضاء، ولا يلزمهم حكمه ولا يلزم حكمه بإلزامه، بل بالتزامهم)
(٢) الماوردي، الأحكام السلطانية، ص ٦٦
(٣) الكاساني، بدائع الصنائع: ٧ / ٣؛ حاشية الدسوقي: ٤ / ١٣٦ – ١٣٧؛ الفتاوى الهندية: ٣ / ٣٠٧
(٤) ابن قدامة، المغنى: ١١ / ٣٨٠ – ٣٨١
(٥) الدردير، الشرح الصغير: ٤ / ١٩١
(٦) ابن قدامة، المغني: ١١ / ٣٨٢؛ الموردي، الأحكام السلطانية، ص ٦٦
(٧) ابن فرحون، تبصرة الحكام: ١ / ٤٤
(٨) ابن الهمام، فتح القدير: ٧ / ٤٥٤؛ ابن عابدين: ٤ /٣٣٠، ويلاحظ أن الغزالي الذي نسب إليه هذا القول توفى سنة ٥٠٥ هـ.
(٩) ابن نجيم، البحر الرائق: ٧ / ٢٨؛ البهوتي، كشاف القناع: ٦ / ٣٠٣؛ الدسوقي، حاشية على الشرح الكبير: ٤ / ١٣٥؛ الماوردي، أدب القاضي: ٢ / ٣٨٥؛ ابن أبي الدم، كتاب أدب القضاء، بغداد: ١٩٨٤، ج ١، ص ٤٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>