للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- صيغة التحكيم

سبق أن ذكرنا أن التحكيم ينتج عن عقدين رضائيين، يتم أولهما بين طالبي التحكيم أن أنفسهم، ويتم الآخر بينهم وبين المحتكم إليه.

وكما هو الشأن في العقود، لا بد من صيغة تعبر عن الإرادة بما يدل على مقصود العاقدين دلالة واضحة، من قول أو فعل أو غيرهما.

وقد اشترط بعض الفقهاء أن يتقدم التراضي على عقد التحكيم، ولم يشترط البعض الآخر ذلك، بحيث (إذا فصل واحد الدعوى الواقعة بين اثنين، ولم يكونا قد حكماه، صح حكمه ونفذ إذا رضيا به أجازاه) بشرط أن يكون الحكم موافقًا للأصول المشروعة (١) .

ولأطراف التحكيم تقييد الصيغة بشرط مشروع يتعلق بالزمان أو المكان أو اتباع مذهب معين أو استشارة شخص بذاته أو صفاته، أو غير ذلك مما يتعلق به غرضهم.

والغالب أن يتم تراضي أطراف التحكيم بمناسبة قيام النزاع ويطلق عليه القانون (مشارطة التحكيم) . وهذا لا يمنع من أن يدرج المتعاقدان في العقد شرطًا يتم بموجبه اللجوء إلى التحكيم في حالة وقوع نزاع حول تنفيذ هذا العقد، وهو ما يطلق عليه (شرط التحكيم) وقد اتفق الفقه على صحة التحكيم بمناسبة قيام نزاع وخصومة حول حق من الحقوق، ولم يتعرض البعض على صحة التحكيم مع عدم وجود خصومة، فقد جاء في مغنى المحتاج – تعليقًا على النووي (ولو حكم خصمان رجلًا: قوله خصمان، يوهم اعتبار الخصومة، وليس مرادًا، فإن التحكيم يجري في النكاح، فلو قال: اثنان، كان أولى (٢) .

ولم يشترط الفقهاء الإشهاد أو الكتابة على اتفاق التحكيم، ومع ذلك: فإنهم يستحسنون الإشهاد خشية الجحود (٣) . إلا أنهم يشترطون – لقبول قول الحكم برضاء الخصمين بحكمه – أن يشهد عليهما في مجلس الحكم (٤)


(١) سليم رستم باز، شرح المجلة:٢ / ١١٩٩ ح ابن نجيم، البحر الرائق: ٧ / ٢٥
(٢) الشربيني الخطيب، مغني المحتاج: ٤ /٣٧٨
(٣) السرخسي، المبسوط: ٢١ / ٦٣؛ حاشية الدسوقي على الشرح الكبير:٤ / ١٣٥، مصطفى السيوطي الرحيباني، مطالب أولي النهى: ٦ / ٤٧٢) ينبغي أن يشهد المتحكم على الخصمين بالرضا بحكمه قبل أن يحكم بينهما (؛ العاملي، الروضة البهية: ١ / ٢٣٨) ... ومن أراد منهما ضبط ما يحتاج إليه أشهد عليه
(٤) البابرتي، العناية الهداية: ٥ / ٥٠٢؛ ابن أبي الدم، كتاب أدب القضاء:١ / ٤٣٢؛ أحمد بن عبد الله القاري، مجلة الأحكام الشرعية، م: ٢٠٩٥ مع هـ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>