للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنفذ الثالث: العين

يرى الحنفية أن الكحل نهارا لا يفطر، ولا يكره عمله، وفي الدر: " أو اكتحل وإن وجد طعمه في حلقه ". وفي رد المحتار: " وكذا لو بزق فوجد لونه في الأصح، وعلل ذلك بأن الموجود في حلقه داخل من المسام، الذي هو خلل البدن، والمفطر هو الداخل من المنافذ، للاتفاق على أن من اغتسل فوجد برده في باطنه أنه لا يفطر ". (١)

فعلى هذا التعليل لا يعتبر الحنفية على الراجح عندهم العين منفذا، وبهذا يستوي الكحل مع المائع.

يرى المالكية أن العين منفذ ظاهر كالفم والأنف، فإذا لم يجاوز العين إلى الحلق فلا فطر، وإن تداوى بدواء وجد طعمه أو لونه في حلقه أفطر. يقول الزرقاني: " فمن اكتحل نهارا، فإن تحقق عدم الوصول للحلق فلا قضاء عليه، ومحل وجوب القضاء فيما يصل إذا فعله نهارا، فإن فعله ليلًا فلا شيء عليه أن وجد طعمه بالنهار ". (٢)

ونقل القرافي أن مُطَرِّفًا أباح الكحل، وأن ابن الماجشون أباح الإثمِد (٣)

الشافعية يرون أن العين ليست منفذا. قال أبو علي السنجي والفوراني وصححه الغزالي: أن الاكتحال لا يفطر في نهار رمضان، وأنه لا منفذ بين العين والدماغ، وإنما يصله من المسام (٤)

وذكر الشربيني أيضا أنه لا يضر الاكتحال، ولو وجد طعم الكحل بحلقه؛ لأن الواصل إليه هو من المسام، ولا يكره الاكتحال لما رواه البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم اكتحل وهو صائم (٥) عن بقية، ثنا الزبيدي، والزبيدي سعيد بن أبي سعيد الزبيدي كما صرح به البيهقي، قال في التنقيح: وهو مجمع على ضعفه، كما أخرج البيهقي حديثا آخر عن محمد بن مالك أنه كان يكتحل وهو صائم، قال في التنقيح: إسناد مقارب (٦) ونقل ابن التركماني أن ابن حبان وثقه (٧)

الحنابلة: أن ما بلغ الحلق من العين كالكحل مفطر. يقول ابن قدامة: " فأما الكحل فما وجد طعمه في حلقه، أو علم وصوله إليه فطره، وإلا لم يفطره. نص عليه أحمد، وقال ابن أبي موسى: ما يجد طعمه كالذرور والصبر والقطور أفطر، وإن اكتحل باليسير من الإثمد غير المطيب كالمِيل ونحوه لم يفطر نص عليه أحمد، وقال ابن عقيل: أن كان الكحل حاد فطره وإلا فلا ". (٨)

ورأي المالكية والحنابلة أرجح؛ لأن علماء التشريح يثبتون أن الله خلق العين مشتملة على قناة تصلها بالأنف ثم بالبلعوم (٩) ، فما بنوا عليه رأيهم في عدم الفطر أنه لا صلة بين العين والحلق ألا من طريق المسام أكد العلم صلاحه.

تقطير الدواء في العين في نهار الصيام مفسد للصوم، موجب للقضاء.


(١) حاشية ابن عابدين: ٢/ ٩٨
(٢) شرح الزرقاني: ٢/ ٢٠٤
(٣) الذخيرة: ٢/ ٥٠٦
(٤) المجموع: ٣١٥/٦
(٥) مغني المحتاج: ١/ ٤٢٩
(٦) نصب الراية: ٢/ ٤٥٦ - ٤٥٧
(٧) الجوهر النقي: ٤/ ٢٦٢
(٨) لمغني: ٤/ ٣٥٣ -٣٥٤
(٩) لمفطرات في مجال التداوي، للدكتور البار، ص ١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>