للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنفذ الخامس: الرأس السالم

إذا دهن رأسه في نهار رمضان بدواء فهل يؤثر في صومه؟

ظاهر قول ابن الحاجب أنه وقع خلاف؛ فذهب بعضهم إلى أنه يفطر بذلك، وذهب آخرون إلى التفصيل، فإن وجد طعمه في حلقه أفطر، وإن لم يجد لم يؤثر ذلك في صحة صيامه. وفرق بعضهم بين النفل فلا يؤثر وبين الفرض فيفطر به.

وأرجع الحطاب الخلاف إلى أن منفذ الرأس منفذ ضيق والوصول منه إلى الحلق نادر، فتجري إذن على الخلاف في الطوارئ البعيدة الوقوع النادرة أتعتبر مطلقا أو تلغى مطلقا، أو ينظر أن تحقق الوقوع ترتب الحكم وإلا لا؟ (١)

وهذه الطريقة التي خرج عليها الخلاف غير ما ذهب إليه ابن عبد السلام في شرحه على مختصر ابن الحاجب، إذ جعله خلافًا في حال يعني أنه إذا لم يصل إلى الحلق شيء فلا يمكن أن يقال إنه مفطر، وأنه إذا وصل منه شيء إلى الحلق فلا وجه للقول بعدم الإفطار، ووصول الدواء إلى الدماغ غير مفطر، ولا يفطر إلا بما وصل إلى حلقه.

وذهب الحنفية إلى أن الادِّهَان لا يترتب عليه الفطر، قال ابن نجيم:

" لأن الادهان غير منافي للصوم لعدم وجود الفطر صورة ومعنى، والداخل من المسام لا من المسالك فلا ينافيه، كما لو اغتسل بالماء فوجد برده في كبده ". (٢) .

ولم أجد للشافعية نصا ولا للحنابلة.

والذي أكده العلم التجريبي أنه لا منفذ يجمع بين ظاهر البدن والحلق وما وراءه على الخصوص، ولذا لا وجه للقول بأن الإحساس بطعم الدهن موجب للفطر، وللصائم أن يطلي ظاهر جسده بما هو في حاجة إليه من الأدوية وهو صائم دون أن يؤثر ذلك في صومه.


(١) مواهب الجليل: ٢/ ٤٢٥؛ والجواهر الثمينة: ١/ ٣٥٨
(٢) البحر الرائق: ٢/ ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>