للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجل ما يقوم عليه نفيه للإفطار أن هذا من دين الله يجب على النبي صلى الله عليه وسلم بيانه , وأنه مما تعم به البلوى فتتوفر الدواعي على نقله، وأنه لم ينقل فلذلك لا يقبل القول به.

وهذا البناء وإن محكما قويا في ظاهره إلَّا أن التأمل فيه يكشف ثغرات فيه، ذلك أن عوارض التشريع الأصلي مما أوكله الله لمن أوتي فهما في القرآن وفي السنة، وأنه لا يجب على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعرض لكل جزئية يمكن أن تحدث بالبيان، وليست المأمومة ولا الجائفة مما تعم به البلوى، فمن أين له أن المجروحين في عهد النبوة بجائفة أو مأمومة كانوا من الكثرة حتى أن البلوى عفت، والمتتبع للفقه وقضايا الطهارة والصلاة، يجد عددا كثيرا من المسائل وكثارا من القضايا التي وصل إليها الفقهاء بالاستنباط من النصوص الواردة، إما فهما نافذا وإما قياسا.

ولذا فإن الطريقة التي اتبعها وحملته على الإمام أحمد والشافعي وإن كان لم يسمهما مما لا يقنع.

وأرى أن البحث في هذه القضية يجب أن ينظر إليه في واقع الأمر حسب سنن الله في الخلق، فإذا كانت المأمومة يصل أثر دوائها إلى الأجهزة القابلة ثم المحيلة فهي مفطرة، وإذا كانت تتشربها المسام الظاهرة فلا وجه للقول بتأثيرها في الفطر، وقد أكد الدكتور البار في بحثه أنه لا صلة بين الدماغ والجوف مادام الحاوي سليما، وأنه إذا انكسر فالوضع أخطر من الصيام والفطر؛ لأن المصاب يكون في وضع يستدعي العلاج المكثف، وإجراء عمليات دقيقة وبقاءه مدة في المراقبة المستمرة، وفي بيت الإنعاش إن كتبت له الحياة، وقلما يقع إذا ما انهدم بناء الجمجمة، فالصورة كلها افتراضية.

<<  <  ج: ص:  >  >>