للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع - جزاه الله خيرًا - وهو يتحوط، وللإنسان أن يتحوط، وقال: إن قضية الخشية من المرض يجب ألا نقول بها، وأن هذا يفتح بابًا يحسن سده. أنا في عرضي للمذاهب عادة أتابع فيها التاريخ الزمني فأبدأ بأبي حنيفة وهو أقدمهم ثم مالك ثم الشافعي ثم أحمد بن حنبل، لكن سأخالف هنا في هذا الموضوع فأقول:

ومذهب أحمد - وهذا ما كتبته - أصرح المذاهب في اعتبار الترخص بخوف حدوث المرض، جاء في المغني: " والصحيح الذي يخشى المرض بالصيام كالمريض الذي يخاف زيادته في إباحة الفطر؛ لأن المريضى إنما أبيح له الفطر خوفًا مما يتجدد بصيامه من زيادة المرض وتطاوله، فالخوف من تجدد المرض في معناه ". وصرح البهوتي بأن الفطر مع خوف المرض سنة، وأن الصوم مكروه.

أما في بقية المذاهب فقد جاء في الفتاوى الهندية أن الصحيح الذي يخشى المرض هو كالمريض. وجاء في المذهب المالكي فقال العدوي في حاشيته على الخرشي: " واعلم أن الصحيح إذا خاف بصومه الهلاك أو شدة الأذى يجب عليه الفطر، ويرجع في ذلك إلى أهل المعرفة، والجهد يبيح الفطر ولو للصحيح كما هو ظاهر الخطاب ". والشافعية سووا بين الترخص بالتيمم والترخص بالفطر، وجاء في الترخص بالتيمم جاء في المجموع: " إذا خاف حدوث مرض يخاف منه تلف النفس أو عضو أو فوات منفعة عضو، أنه يجوز له التيمم بلا خلاف بين أهل المذهب، إلا صاحب الحاوي فإنه حكى في خوف الشلل طريقين ". وعليه فإن حكم خوف حدوث المرض هو كحدوثه فعلًا. هذه هي المذاهب الأربعة، فإذا كانوا هم لم يتحوطوا لدينهم، وإذا كانوا قصروا فما أظن أني أكون أحرص منهم. وإذا كان الشيخ أحرص منهم فله ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>