للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفقهاء لم يروا أن المضمضة مفطرة؛ لأنها سنة , هذا فعلًا تخريج ولكن التخريج الذي أرتضيه والذي بنيت عليه لأني لم أتحدث عن هذا لقصده، وإنما بنيت عليه أمرًا جديدًا وهو الغرغرة، وما يؤخذ تحت اللسان من الحبوب التي تذوب في اللسان، هذا الذي من أجله أتيت ببحث المضمضة أو غيرها. فالمضمضة أقول: أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أحكام ربه بطريقتين، الطريقة الأولى وهي إبلاغ الوحي. الطريقة الثانية وهي المشاهدة لقيامه صلى الله عليه وسلم بما أمر به على النحو الذي أمره الله به، وهي طريقة جيدة وهي التي اعتمدها مالك، والتي لم يفهمها كثير من الناس من الأخذ بقول أهل المدينة. فهو لا يعني بقول أهل المدينة أنه قولهم في الاجتهادات، ولكنهم أخذوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطريقة التطبيقية العملية للتشريع الإلهي ونقلوها جيلًا عن جيل , فقال مالك إنها تلك الطريقة المقصودة بالنص. وذكر أنه سئل من أطراف الأطباء: هل إدخال الأصابع لإخراج الولد مفطر أم لا؟ المرأة هي في حالة الولادة، هي أفطرت فعلًا، أدخل أصابعه أو يده أو آلاته.

مضغ العلك ذكر فضيلته أنه غير مفطر مطلقًا، وهو مذهب الشافعية والحنابلة لا الحنفية. أنا في بحثي لم أتحدث عن العلك إلا بما يتصل به، وقد جاء في بحثي: أن الحنفية يقولون: إنه إذا مص الإهليلج ولم يصل إلى حلقه فإنه غير مفطر. فأخذت هذا النص فقط من الحنفية، وأخذت مضغ العلك من الحنابلة ومن الشافعية ومن المالكية، وبينت آراءهم لأرتب على ذلك ما يمتصه أو ما يدخل في الفم ولا يصل إلى الداخل من الأدوية التي يصفها الأطباء. فالقضية كلها مرتبطة لا بالعلك ولا أريد أن أبحث في العلك لذاته ولا في المفطرات لذاتها ولكن لارتباطها بالدواء.

أما التخدير فبينت أن حكمه حكم الإغماء، باعتبار أنه زوال للإحساس بما حول الإنسان إحساسًا نميز به العاقل. وهذا الإحساس عند الحنفية رأي وهو مرتبط بتبييت النية من الليل. ففي اليوم الذي وقع فيه التخدير إذا بيت النية من الليل فإنه لا يقضي ذلك اليوم، وإذا لم يبيت النية بأن وقعت له العملية الجراحية قبل طلوع الفجر فصيامه غير معتبر، لارتباطه بالنية لا الإغماء. هذا في المذهب الحنفي. أما في بقية المذاهب الأخرى فهم يفصلون بين أن يكون الإغماء منسحبًا على كامل اليوم أو منسحبًا على بعضه أو منسحبًا على شطره، وبينت هذا. وبذلك تتخرج هذه القضية بالنظر إلى اختلاف الفقهاء في هذا، ونأخذ قولًا ونرجحه ونسير عليه إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>