للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضيلة الشيخ الضرير وهو الفقيه النابه جعل الفطر مبنيًا على ضابط واحد استخرجه من القرآن أولًا مع مراعاة السنة، وأنه مراعاة الاستثناءات التي استثنتها السنة النبوية الشريفة وأن هذا هو المرجع. قبل أن أناقشه أقول قاعدة عندنا من الحرية ومن التكريم لرأي الغير في الفقه الإسلامي، هذه القاعدة التي أخذ بها جميع الفقهاء وهي: أن ما أقوله صح وحق وصواب يحتمل الخطأ، وما يقوله غيري - ولو الشيخ الضرير - هو خطأ يحتمل الصواب. فهذه قاعدة معروفة. وعلى هذه القاعدة أسير. فبناء على هذا جعل الجماع مفطرًا وكذلك مقدماته اعتمادًا على الرفث. ورأيت لحذاق المفسرين - فيما أذكر - أنهم قالوا: إن الآية هنا عديت بـ (إلى) ، وتعديتها بـ (إلى) للدلالة على أنه الإبضاع، لم يقل رفث نسائكم، ولكن {الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} ولم ينه عن مطلق الرفث، وكل حرف في القرآن الكريم هو يدل على معنى، فلا يكون الرفث موجبًا للفطر إلا إذا بلغ النهاية وهو الجماع، وأما ما عدا ذلك فينسحب على القبلة , وإنما الكل سواء.

ثم في هذا البحث أنه سوى بين المقدمات والجماع , شأن الشريعة أنها تفرق بين المختلفات. وإذا نظرنا إلى موارد الشريعة في هذا فإننا نجد أن الشريعة فرقت بين الجماع وبين مقدماته، فأوجبت على الجماع الحد بينما على مقدمات الجماع، إذا لم تكن في الوجه الشرعي جعل صلى الله عليه وسلم من أخبره من صحابته فقال له: " هل صليت معنا ". فجعل ذلك مكفِّرًا لقوله: نلت منها ما عدا الجماع. هذا في الكبيرة. ثمّ إن الجماع كبيرة وإن المقدمات صغيرة، ثم إن المرأة تتحلل بالطلاق الثلاثي بالجماع، ولا تتحلل بمقدمة الجماع، ثم يجب على الإنسان الغسل بالجماع، ولا يجب عليه بمقدمة الجماع. فهما طريقان مختلفان تمام الاختلاف.

ذكر أنه نظر في ملخص بحثي فوجد ضابطًا لكل مذهب. كان مستعصِيًا عن الفهم لم يحلِّل. أعتقد قد أكون لم أوفق عندما كتبت التلخيص ولكن التلخيص مرتبط بالأصل، ولو يتكرم سيادته بعد مجلسنا هذا أن ينظر في البحث بتمامه وأن يجد من الوقت ما يسعه للنظر في بحثي لرأى توضيحًا لكل ما استعصى فهمه. أما ضابطه الذي ذكره فأنا لم أره في أي كتابة من كتاباته، ولو رأيته قد أكون أنظر فيه وأبين ما له وما عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>