للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وترى البنوك الإسلامية مشكلة مماثلة في عقود الإيجار ذات الأجل الطويل، ولذلك فهي للتوصل إلى حل لهذه المشكلة، أدخلت في عقودها شرط (تجديد) العقد كل ستة أشهر، وعندئذ تتم مراجعة القسط الإيجاري آخذة في الاعتبار زيادته بمقدار التغير في المؤشر المعتمد، إلا أن هذا التجديد المذكور ليس إلا مراجعة لمبلغ القسط، إذ لا يسمح العقد لأي من الطرفين بالفسخ، كما أن مدة العقد تبقى كما هي (أي خمس سنوات، لا ستة أشهر) ، وظاهر أن هذا وإن حقق غرض إدخال عنصر التغير في عائدات المصرف إلا أن النواحي الشرعية فيه غير منضبطة.

وقد حاولت بعض البنوك الإسلامية معالجة هذه المشكلة بطريقة أخرى، إذ لا مناص عندها من مراجعة القسط الإيجاري كل ستة أشهر، ولكنها لتفادي الحرج الشرعي جعلت هذه المراجعة حقيقية، بأن أعطت الطرفين حق الفسخ إذا لم يتفقا على المبلغ الجديد للقسط، وهذا حسن إلا أن ذلك عسير التطبيق من الناحية العملية، إذ لا يقبل البنك ولا العميل مثل ذلك الخيار لو كان حقيقيًّا؛ لأنه يدخل في العملية مخاطرة لا طاقة لهم بها، فأدخلت في العقد شروطًا جزائية صارمة تجعل ذلك العميل لا يجرؤ على الفسخ.

وقد تصل تلك الشروط الجزائية إلى حد الإلزام بالتعويض عن الفرق بين ذلك المبلغ الذي رفضه الفاسخ ومبلغ القسط الإيجاري الذي يتفق عليه عندما تتم إعادة التأجير لطرف ثالث بعد الفسخ، مما يجعل الفسخ خيارًا مكلّفًا للغاية بل يكاد يكون لا معنى له، فمثلًا إذا كان الإيجار ١٠٠، ثم عند المراجعة قال البنك: أريد أن أرفع الإيجار إلى ١٢٠، فقال العميل: لا يعجبني وأريد أن أفسخ العقد، كان له ذلك، عندئذ يقوم البنك بتأجير الأصل إلى طرف ثالث، فإذا لم يحصل على الإيجار المطلوب بل أقل منه مثل أن يؤجره بـ ١١٠ عندئذ التزم ذلك العميل بحكم الشرط الجزائي بدفع ١٠ وهي الفرق في السعرين إلى البنك تعويضًا له عن الخسارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>