للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الظهيرية: وأفتى الشيخ الإمام برهان الدين الكبير في أهل بلد كما تغرب الشمس يطلع الفجر. . . إن عليهم صلاة العشاء، والصحيح أنه لا ينوي القضاء لفقد وقت الأداء (١) .

وفي خلاصة الفتاوى: ولو كانوا في بلدة إذا غربت الشمس طلع الفجر لا يجب عليهم صلاة العشاء. (٢)

وفي الكافي لأبي البركات النسفي: ولا يجب العشاء لقوم لم يجدوا وقته بأن يطلع الفجر كما غربت الشمس، لعدم سبب الوجوب وهو وقته.

وفي الكنز له: ومن لم يجد وقتهما لم يجب.

وذكر الزاهدي في المجتبى شرح المختصر عن البدر الطاهر قال: وردت فتوى في زمن الصدر الكبير برهان الأئمة: إنا لا نجد وقت العشاء في بلدتنا هل علينا صلاته؟

فكتب: ليس عليكم صلاة العشاء، وبه أفتى ظهير الدين المرغيناني.

وفي الجواهر: إن كانوا في بلدة يقال لها: بلغار – إذا غربت الشمس طلع الفجر: لا يجب عليهم صلاة العشاء. . . كذا أفتى الصدر الكبير برهان الأئمة وظهير الدين المرغيناني.

وقد نسب الفتوى بالوجوب إلى ظهير الدين المرغيناني في غير واحد من الشروح وغيرها.

وبالجملة:

- فمأخذ القول بالوجوب هو برهان الدين الكبير.

- ومأخذ القول بعدمه هو الصدر الكبير برهان الأئمة.

- واختلف القول: عن ظهير الدين المرغيناني. (٣)

ثم خلص إلى القول: بأن طائفة من أحداث الجهال المتعصبين على الحق، المنهمكين في التقليد، المتهالكين في إضاعة الصلاة قد حرفوا عبارة الظهيرية والمضمرات وغيرهما، وزادوا فيها كلمة (ليس) النافية، وسلطوها على الوجوب، زعماً منهم أنها لو لم تكن موجودة في العبارة لكان آخر الكلام منافيًّا لأوله، حيث قال: والصحيح أنه لا ينوي القضاء لفقد وقت الأداء، وهو زعم سقيم ووهم عقيم، فإن عبارات تلك الكتب محكمة في عدم هذه الكلمة، والنسخ مضطردة عليه، فإنه لو كانت موجودة فيها لم يرتبط بها قوله: والصحيح أنه لا ينوي القضاء لفقد وقت الأداء.

- لأن مفاده أن هذا الذي وجب عليه العشاء لا ينوي القضاء، لأن التقدير: فقد وقت الأداء، والقضاء تسليم ما وجب بعد انقضاء الوقت، ولأنه لا حاجة إلى نفي وجوب القضاء بعد قوله: ليس عليهم صلاة العشاء.

- على أن حق العبارة على ذلك التقدير أن يقول: والصحيح أنهم لا يجب عليهم قضاؤها.

وقد عرفت أن الخلاف فيمن لا يجد الوقت أصلاً.

ومن أفتى بالوجوب لم يبالِ بعدم الوقت وذهب إلى وجوبه مع عدمه، لأن الوقت غير مقصود بالذات ولا بسبب حقيقة، ويسقط اعتباره بأدنى سبب، كما في عرفة ومزدلفة وأيام الدجال بالاتفاق. ويجوز الجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، وكذا المغرب والعشاء عند مالك والشافعي ومن وافقهما.

وقد قالوا: إن العبادات متى دارت بين الوجوب وعدمه أوجبها الاحتياط، لأن مبناها على التكثير، لأن الإنسان إنما خلق للمعرفة وإظهار العبودية، فكيف لا، إذا قام الدليل على وجوبها قياماً لا مرد له، وثبت ثبوتاً لا ريب فيه، بخلاف أمر العقوبات فإنها تندرئ بالشبهات.


(١) هامش الخلاصة: ١ / ٦٧.
(٢) افتخار الدين البخاري ١ / ٦٧
(٣) وقد شارك في هذا اللقب والنسبة رجلان من بيت واحد، ولم يبين أحد أن المفتي في هذه الحادثة أيهما: أحدهما: ظهير الدين أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن عبد الرزاق المرغيناني توفي (٥٠٦هـ) وهو جد صاحب الخلاصة لأمه وعم والد قاضيخان. وثانيهما: ابنه ظهير الدين أبو المحاسن حسن بن علي المرغيناني، صاحب كتاب الأقضية وغيرها والظاهر أن تلك الفتوى بالوجوب منسوبة إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>