للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- عمل أهل الباطنة من عمان:

ذلك أن عادتهم أن الزجر (وهو السقي بالدوالي والقرب) يكون في الثلث الآخر من الليل، ويستعملون المواشي في ذلك، والذين يقومون بذلك هم العبيد.

وهذا العمل منهم منذ زمن قديم، إذ ورد أن ذلك كان في أيام الإمام غسان بن عبد الله الخروصي (ت ٢٠٧ هـ) ، وكان جريان العمل على هذا الأمر باقيا إلى ما قبل فترة وجيزة من وقتنا الحاضر، وقد جاء عن هذا الإمام العادل قوله: "عدلنا إلا في عبيد الباطنة، فإنا لم نقدر على أن عدل فيهم " (١) .

يقول الإمام السالمي: "وكان من رأيه رحمه الله منع الاستخدام بعد العتمة مطلقا، وإلا فأهل الباطنة يريحون عبيدهم بالنهار مقدار ما يستعملونهم بالليل " (٢) .

- عمل أهل وادي ميزاب بالجنوب الجزائري:

كما سبق من بقاء نظام العزابة، وما ذكر في نوازل العزابة من جعل طلاق المرأة بيدها بعد غياب زوجها أكثر من سنتين بناء على الشرط عند العقد، وكالذي يجري عليه العمل الآن من اعتبار اشتراط الزوجة في عقد نكاحها أن عصمة النكاح تصبح بيدها إن تزوج زوجها امرأة غيرها.

- عمل أهل نفوسة في (ليبيا) : وقد سبق التمثيل عليه من نوازل نفوسة.

- عمل أهل جربة:

كمثل ما تجري به الفتوى من أن الميت يجعل عليه ما يمنع التراب عنه (٣) .

ثانيا – ضوابط العمل الفقهي:

لا تختلف ضوابط العمل الفقهي عن ضوابط الفتوى الشرعية باعتبار كل مسألة بعينها، والتي يمكن اختزالها فيما يلي:

الكتاب، السنة، الإجماع، القياس، الاستدلال (خاصة العرف والمصالح المرسلة والاستحسان) ، أما باعتبار أن العمل الفقهي يكون مجموع النظام الذي يرصد أعمال الإنسان في كل جوانب حياته العملية؛ فلا ريب أنه قد لا يتفق مع نظر كل مجتهد، إذ قد يظهر من يخالف عددا من المسائل التي قد تكون درج عليها عدد من الفقهاء وجرى العمل بها، وقد تقدم المثال على هذا فيما خولف به مختصر البسيوي من المسائل الأربع المذكورة.

على أن هذه المخالفة لا تعني التشكيك في كون هذه المصادر التشريعية مراعاة في ذلك العمل الفقهي، لأنها تدخل في باب أسباب اختلاف الفقهاء المعروفة، وعليه فإن ما وجد مما هذا سبيله ينحو هذا المنحى، وذلك كالذي وجد الشيخ نور الدين السالمي العمل عليه من كون الذي يقيم للصلاة هو إمام الصلاة، فأنكر على هذا الفعل إنكارا شديدا، خاصة لما وجد من يتعنت في قبول الحق الذي استدل عليه من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، واعتذر نور الدين للذين قالوا بهذا القول بأعذار عدة، إذ لم يريدوا بذلك مخالفة المصطفى صلى الله عليه وسلم.


(١) شرح الجامع: ٣ / ٤٩٠.
(٢) شرح الجامع: ٣ / ٤٩٠.
(٣) شرح النيل: ٢ / ٦٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>