للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أي حال هذه النوازل كما ذكرنا هي فقه تخريج على المذاهب، ولكن ما ينبغي أن نصل إليه هل نخرج على غير مذهب في وقت واحد؟ هذا ما نسأله أو نطرحه على أنفسنا، وإن شاء الله يتابع البحث أو نجد الإجابة عند إخواننا.

وشكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله.

الشيخ حمداتي شبيهنا ماء العينين:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الحقيق أن تدخلي كان سيكون على البحوث بإيجاز في استفسار عن بعض النقاط، ولكن جرني الشيخ ناصر بن سليمان إلى أن أعطى بعض التوضيحات.

أولا: المغرب والحمد لله دولة إسلامية معروفة بتمسكها بالإسلام بكل مبادئه، فعليها أمير المؤمنين وهو الحارس والساهر على تطبيق الشريعة الإسلامية وعلى رعاية الإسلام وصد كل ما يهدده من أي جهة كانت ومهما بلغ ذلك من ثمن. . ففي سنة ١٩١٣ م عندما فرضت الحماية على المغرب وكان من بين النصوص التي وردت فيها هو تنظيم تلك القوانين والإدارة كان الملك – وهو الحمد لله من نفس السلالة – قد ألح على أن تكون تلك القوانين مأخوذة من صلب الشريعة الإسلامية، وقد صدرت مذكرة إيضاحية طبعت في الجريدة الرسمية المغربية سنة ١٩١٣ م باللغة الفرنسية تبين النسبة المئوية لكل فصل من فصول العقود والالتزامات، النسبة التي أخذ فيها من أصول إسلامية، حقيقة لم تتقيد في كل نصوصها بالمذهب المالكي، بل فيه الكثير من المذهب الحنفي نظرا لأنها تأثرت بالمجلة التركية، وفيها غير ذلك من مختلف المذاهب، والمجلة موجودة ومن أراد الاطلاع عليها فهي موجودة ومحفوظة ومكتوبة بتاريخها في الجرائد الرسمية التي كان يشرف عليها ضابط فرنسي آنذاك.

سنة ١٩٥٩ م بعد الاستقلال بثلاث سنوات جمع محمد الخامس جماعة جعل على رأسها المرحوم علال الفاسي، من نخبة علماء المغرب، وألزمهم بإعداد قانون للأحوال الشخصية ومراجعة القانون المدني حتى يعرف ما فيه مما لا يستجيب لروح الشريعة الإسلامية ليزال، فكتب تقرير عن هذا ونشر آنذاك أيضا بحيث من أراد الاطلاع عليه فهو موجود. وقد كتبت رسالتي للدكتوراة على تأثر مصادر الالتزام في القانون المغربي بالفقه الإسلامي. إذن فنحن الحمد لله بخير وعلى خير من هذه الناحية.

منذ سنتين جمع الحسن الثاني مجموعة من العلماء، وكنت كتلميذ من بينهم على أن يراجعوا مدونة الأحوال الشخصية فيما يرجع لما تطالب به منظمات النساء المغربيات ومن بينهن المتطرفات فقال بالنص: انظروا في الفقه المالكي ما وجدتم فيه مما ييسر لكم الفتوى فاقتبسوه وإن وجدتموه في مذهب آخر فمذهب أهل السنة واحد. وقال: نحن نشدد في شىء واحد هو أن تكون النصوص مقتبسة من الشريعة الإسلامية وألا يطبق على المغرب أى نص لا يستجيب للشريعة الإسلامية. هذا ولله الحمد من حيث التطبيقات الشرعية والممارسة الإسلامية في بلادنا. التاريخ مليء بالصراع بين الطوائف الإسلامية، وبين المذاهب الإسلامية، وبين الدول الإسلامية، فلا فائدة من إحياء هذه المشاكل في بحوثنا اليوم، ونحن نريد أن نجعل نوعا من التقارب بين المتباعد. الإسلام فرقه الخلاف بين كل الدول الإسلامية وبين الطوائف الإسلامية، وفرقته التيارات الأجنبية التي دخلت عليه، ومجمعكم هذا جمع من أجل أن يتلافى نتائج تلك المخالفات. فعلينا في بحثونا أن نكون حذرين من كل ما يثير تشنجًا عند دولة إسلامية، لا حق لنا لأن مجمعنا ليس سياسيا، من أراد أن يتكلم بكلام دولته سياسيا فليعد بذلك إلى وزير خارجيته ويثير ذلك في مؤتمر وزراء الخارجية، أما نحن فعلماء ندرس ما يمكن أن يقارب بين مذاهبنا وبين طوائفنا وبين مجتمعاتنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>