للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمسكنا بالمذهب المالكي لا تعصبا ضد مذاهب أهل السنة ولا خدشا فيهم ولا تضعيفا لما عندهم، ولكن أردنا به أن تكون جماعة المسلمين في ذلك القطر الذي هو أبعد أقطار العالم الإسلامي، والذي هو محفوف بالدول الأوروبية وأمريكا أردنا أن تكون جماعة المسلمين على مذهب واحد، وأن تكون موحدة في بحوثها ووجدانها وفي تطلعها وفي ممارستها، ولكن نمتاز بشيء آخر في بحثونا الجامعية وفي كتاباتنا وفي أنديتنا؛ نحن نتكلم كأننا من أتباع المذهب الحنفي أو الحنبلي أو الشافعي، وحتى إننا منذ ثلاث سنوات كان جلالة الملك عقد مجلسا ودعا نخبة من علماء إيران وعين لهم جماعة من العلماء – كنت من بينهم – للتقارب بين المذاهب. وأن ننظر فيما يمكن أن يجمع بين أهل السنة وأهل الشيعة حتى يكون الإسلام في مواجهة خصومة موحدا.

ولهذا لا أطيل وإن كان الكلام كثيرا في هذا الموضوع، هذا البحث يرجع لصاحبه حتى يزيل كل كلمة يمكن أن تثير حساسية للمغرب؛ لأنه عندما يقال المغرب ويسكت تذهب إلى بلادي، وعندما يقال المغرب العربي أكون معنيا، ولكن في مجموعة من الدول وهنا اللفظ أتى للمغرب، وأقول أنه منذ ستة قرون لا يوجد في المغرب غير أهل السنة والمذهب المالكي. يزال ما فيه مما يثير الحساسية ولا ينشر في المجلة إلا إذا أزيل منه ذلك وإلا فإن المغرب يحتفظ بحقه في الرد القوي عند المناسبة.

ثانيا: الناحية الثانية تعني البحوث، وإن كنت سأصرف النظر عنها وأكتفي الآن بهذا الرد. وشكرًا.

الشيخ محمد الحاج الناصر:

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد؛ ألفت إلى شيء واحد وهو أننا منذ الأمس نستمع إلى بحوث فيها الكثير من الجيد القيم لكنها تتفق في شيء واحد للأسف، وهي أنها تصدر عن اعتماد أقوال المجتهدين، فإن ألمّ بعضها على استحياء حديث أو آية كان إلماما عارضا، وما كلفنا الله – سبحانه وتعالى – إلا باعتماد القرآن والسنة، هما مصدر التشريع وما بعدهما من اجتهادات ليست مصادر للتشريع، وإنما هي تأويلات للكتاب والسنة، قد يصيب أصحابها وقد يخطئون، لا أستثنى أحدا حتى الأئمة الأول الصدور فقد كانوا يقولون: "إذا ثبت الحديث ومخالف لما قلناه فارجعوا إلى الحديث "، ومن شك في ذلك فيرجع إلى ما ذكره ابن القيم في إعلام الموقعين منقولا عنهم واحدا واحدا، وكان أحمد بن حنبل – رحمه الله – وهو من هو، تقوى ورواية للحديث وإحاطة بالفقه ذكر حديثا بمحضر أحدهم فقال أحد الحاضرين: "قال فلان "، فضربه أحمد وقال له: "ويلك، أقول لك: قال رسول الله وتقول لي: قال فلان؟ ".

الذي يجب أن نقتدي به ونرجع إليه هو الاستفادة من مناهج الأئمة الأول في فهم القرآن والسنة، أما ما انتهت إليه الاجتهادات فقد نشأت في ضمن مؤثرات بيئية ومؤثرات حياتية ومؤثرات سياسية تجاوزها البشر اليوم في تطوره الحضاري لدرجة أنه أوشك أن تنقطع العلاقة بين تلك العهود وهذه العهود في ظروفها الحياتية. لذلك كنت أعجب بالأمس وأنا أسمع المحاورات هل عقد الصيانة عقد جعالة أم عقد إيجار أم عقد حراسة؟ لماذا لا نسميه عقد الصيانة ونبحث له عن حكم من كتاب الله وسنة رسوله أولا، ونستأنس بما قاله العلماء من بعد استئناسا على أن نصدر من كتاب الله سنة رسوله؛ لأنه لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذه العقود التي حاولوا اعتمادها وإجبار وإرغام عقد الصيانة أن يدخل تحت مظلة أحدهم وحمياتها؟. يرحمكم الله تذكروا أن الله يسألكم يوم القيامة عن كتابه وسنة رسوله، تذكروا أن الكتاب والسنة هما المصدران الوحيدان للتشريع، واصدروا عنهما بما شئتم لكن الزموا معالمهما.

وشكرا، والسلام عليكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>