للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبخ عبد الوهاب أبو سليمان:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العاملين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

السيد الرئيس؛

أصحاب الفضيلة؛

قدمت لنا هذه البحوث القيمة وكان من بينها رصد العلم الرزين الذي قدمه الشيخ محمد الحاج الناصر عن بحث فضيلة الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي، وكنت أتمنى أن يكون مع كل بحث مثل هذا التعقيب ليوفر الكثير من الوقت ومن الجهد، فكان رصدا علميا، وأنا أرصد ما رصده وعلى طريقة بعض الأدباء المكيين الذين نقدوا الأدباء فألفوا كتاب (المرصاد) ، فتعليقه المرصاد، وجاء أديب مكي آخر فكتب (مرصاد المرصاد) . فأنا أقول لفضيلة الشيخ محمد الحاج الناصر: هذه الملاحظات قيمة ولكن فيما يبدو لي أنه فاتته نقطة واحدة تلك هي مطابقة العنوان للمضمون. وهذا ما كنت أبحث عنه بحرص وإصرار فيما قرأته من البحوث، الاستفادة من النوازل في القضايا المعاصرة، ولذلك هذه النقطة أو هذا العنصر هو الذي سيكون محور دراستي لما استطعت أن أدرسه وأبحثه.

العنوان العام للموضوع هو (الاستفادة من النوازل والفتاوى والعمل الفقهي في التطبيقات المعاصرة) ، لا أظن أن المجمع وضع هذا العنوان لنعرف – ولا شك أن هذا من الضروري – تعريف الفتوى والقضاء والنازلة والواقعة ... إلخ، لا شك هذه مطلوبة ولكن أن ندخل في أعماق موضوع الفتوى ونعطي كل الثقل والاهتمام بآداب الفتوى والعناصر التي تذكر في آداب الفتوى في حين أن كيفيه الاستفادة من هذا الكنز النفيس والتراث الفقهي العظيم يكون مفقودا ضمن بعض هذه البحوث، ولذلك سأركز على البحوث التي وجدت فيها بغيتي وأنا أتطلع وكل واحد يتطلع لهذا الجانب وهو كيفية الاستفادة طلب الإفادة من كتب الإفتاء الكثيرة العظيمة والمدونات الكبيرة التي تملأ مكتبتنا الفقهية.

أول ما أبدأ به فضيلة الشيخ عبد الله بن بيه – حفظه الله – قرر ضمن ما قرره في بحثه تعليقا على كتاب (المعيار) وهو صادق على كل كتب الفتوى بأنه سجل تاريخي واجتماعي واقتصادي، أضيف إلى هذا (وفقهي) الذي هو الأصل وليس استدراكا عليه وإنما هو أيضا سجل فقهي. كتب الفتوى ولا شك وهذا كلام صادق ونوه بما فيها كثير من المفكرين المسلمين والفلسفيين أمثال الدكتور سامي النشار على أساس أن نستفيد من هذه الفتوى جوانب عديدة.

تميز بحث فضيلة الشيخ عبد الله بن بيه أنه في بحثه وإن كان جاء هذا من دون إعطائه البروز القوي منهج الإفادة من كتب الفتاوى، وكان موفقا كل التوفيق في هذا، وإن كان هذا المنهج قصره على كتب المذهب المالكي، والشيء الذي أستغرب له أن بعض البحوث – وهذا أظن أنه من بعض وظائفنا – البحوث الجديدة المهمة والقيمة التي كتبت في هذا الموضوع، وبيان درجة كتب الفتاوى من بين كتب الفقه بحوث قيمة أعدها الزميل الأستاذ الدكتور محمد إبراهيم علي، ولم أجد أي باحث أشار إليها، المذهب عند الشافعية، المذهب عند الحنفية، المصطلح عند المالكية، وكان يضع كتب الفتوى من بين كتب الفقه على حسب ما تعارف عليه الفقهاء. فهنا الشيخ عبد الله بن بيه - جزاه الله خيرا – سد هذه الثغرة عند المالكية فقط الجانب المهم الذي يتوخاه كل قارئ في هذه البحوث هو كيفية الاستفادة من هذه الفتاوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>