للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولا: الشيخ ابن القيم – رحمه الله تعالى– تكلم عن كيفية الاستفادة من الفتوى وإلى أي مدى، قال: "من أفتى الناس بفتوى واحدة على اختلاف طبائعهم واختلاف بلدانهم وأعمارهم أضر على الدين من طبيب يعالج الناس على اختلاف أعمارهم واختلاف بلدانهم واختلاف أمزجتهم بدواء واحد "، فهنا يأتي إذا كان النظر للفتوى ما هي كيفية الاستفادة منها؟ ... الشيخ عبد الله – جزاه الله خيرا – صنف الفتاوى تصنيفا، أو طريقة الاستفادة منها.

أولًا: التصنيف الموضوعي المعتمد على الكتاب والسنة لأنه من دون تصنيف وتنظيم لا يمكن أن تتم الفائدة.

ثانيا: استخراج القواعد والضوابط والأسس، وهذا شيء مهم جدا وهو أول ما يجب أن نستفيد منه.

ثم بعد ذلك قال: "الطريق الثالث: البحث عن القضايا التي تشبه القضايا المعاصرة، وهل نعطيها حكمها؟ "فهو تكلم أن هذا الجانب هو الذي يهمنا كثيرا، فقال: "من أجل أن نستدرك ليس المقصود أن ننزل تلك الأحكام والفتاوى على قضايانا المعاصرة كما هي وإلا وقعنا في المحظور الذي حذر منه الشيخ ابن القيم – رحمه الله تعالى – فيقول بالنص: "إذا أن المقصود إثارة الموضوع ليعلم أن له شواهد في النوازل تبيحه أو تحرمه أو تحكي الخلاف فيه، وهو أمر سيتيح للفقيه عندما يعالج أيا من هذه النوازل سندا يستند إليه ليرجح الخلاف على أساس من المرجحات، ويكفيه منقبة لهذا الخلاف أنه يرفع عن الباحث إصر مخالفة الإجماع ويسلكه في مسلكه الاتباع ".

هذه الأسطر مهمة جدا، وأعتقد أنها تحتاج إلى تحليل كبير جدا، لأنه يبين أن اطلاعه على فتاوى من قبله في نفس الموضوع سيتلافى بها مخالفة الإجماع إلى آخر ما ذكره.

هذا ما أردت أن أقوله عن بحث الشيخ عبد الله بن بيه – جزاه الله خيرا – وهو في صلب الموضوع حيث يتطابق العنوان مع المضمون، وحديثه عن العمل ومتى يؤخذ بالعمل، هذا كله في منهج الإفادة من كتب الفتاوى.

أنتقل إلى بحث الدكتور محمد سليمان الأشقر (سبل الاستفادة من النوازل والفتاوى) ، تعرض لمقدمات، ولكن الذي يهمني والذي كنت أتوخاه وأتحراه ويتحراه كل مطالع لهذه البحوث هو ما جاء في بحثه تحت عنوان: (النظر في الاجتهادات الفقهية الصادرة عن العلماء المتقدمين، وموقعه من فقه النوازل) : واستمر في عدة صفحات إلى أن يأتي إلى أثر فقه النوازل في نمو الثروة الفقهية الإسلامية. وأرى بين هذين البحثين تكاملا وأنهما يكملان موضوع العنوان.

بعد هذا أنتقل إلى بحث صاحب السماحة آية الله الشيخ محمد علي التسخيري، أقف قليلا عند العنوان (سبل الاستفادة من النوازل والفتاوى والعمل الفقهي في التطبيقات المعاصرة "العمل الحكومي ") . لعلي فهمت من هذا البحث أو من عنوان: (العمل الحكومي) ولاية الفقيه، لأن البحث – إن صح وصدق هذا الفهم – فهو يتكلم عن ولاية الفقيه، ولا غبار على ذلك.

أنتقل بعد ذلك إلى ما كتبه حيث إنه تكلم سماحته – جزاه الله خيرا – وأثار موضوعا قل من يتعرض له وهو تشخيص موقف الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا الموضوع تطرق إليه كبار الفقهاء، والواقع أنه أضاف إلى ما أعرفه عن هذا الموضوع إضافات جيدة جدا. الشيء الذي أود أن أقوله هو ليته تمم هذه الإضافات. الإمام القرافي في كتابه: (الإحكام في الفرق بين الفتاوى والأحكام) شخص موقف الرسول عليه الصلاة والسلام في خمسة مواقف، وابن السبكي وبعض الفقهاء تعرضوا لهذا، ولكن أظن الذي أفاض وأضاف إضافات عديدة جدا لتشخيص موقف الرسول صلى الله عليه وسلم العلامة الكبير الطاهر بن عاشور في كتابه (المقاصد) ، وقد نبهني إلى هذا صاحب المساحة فضيلة الشيخ محمد الحبيب ابن الخوجة – حفظه الله – فلقد أوصل الطاهر بن عاشور – وقد قرأت هذا الكتاب بتمعن – تشخيص موقف الرسول صلى الله عليه وسلم – أظن والله أعلم – إلى اثني عشر موقفا أو خمسة عشرة موقفا، تضاف إلى تشخيص موقف الرسول عليه الصلاة والسلام، ثم اختلاف تباين التشريع، ما الذي يمكن أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم فيه مشرعا، وما الذي يكون فيه واليا ومنفذا إلى آخره؟. فعلى أي حال على اختلاف تشخيص موقف الرسول صلى الله عليه وسلم تختلف الأحكام.

<<  <  ج: ص:  >  >>