للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأود أن أنوه إلى جانب أن الكثيرين الذين كتبوا في أسباب اختلاف الفقهاء للأسف حتى آخر كتبه كتبت عن هذا لم ينوه أحد أن من أسباب اختلاف الفقهاء تشخيص موقف الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو سبب جوهري للخلاف بين كافة المذاهب لم يتعرض له أحد حتى الوقت الحاضر فيما أقرأ من بحوث ورسائل.

تعرض سماحة الشيخ محمد علي التسخيري لهذا في بحثه حيث يقول: "إن أي أمر يمكن أن يصدر من الحاكم الشرعي حتى لو كانت المنطقة المباحة فضلا عن المنطقة الإلزامية هو حكم إلهي ليس لأحد أن يحكم بخلافه، وبهذا لا يبقى أي مجال لنفوذ حكم الحاكم الشرعي) ؛ كون الحاكم الشرعي حكمه حكم إلهي ما أدري كيف أوفق بين هذا وبين حديث صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم خاطب أحد قادة الغزو: ((وإذا عاهدت فأنزلهم على حكمك ولا تنزلهم على حكم الله)) ، وذلك لأنه لو جعل ذلك حكم الله لربما كان مخطئا، فكيف يكون حكم الحاكم حكما إلهيا؟ وإلا معنى ذلك أصبح للحكام تلك القداسات ولا يمكن أن نرفع أصبعنا بأي اعتراض، فهذه أشكلت علي.

في مكان آخر يقول: "إن الحكومة وهي شعبة من الولاية المطلقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هي إحدى الأحكام الأولية والمقدمة على كل الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج ". أظن الصوم والصلاة والحج ليست أحكاما فرعية، هي فرعية كناحية فقهية ولكن هي أركان، فكيف أقول: إن الحكومة هي شعبة من الولاية المطلقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. على أي حال الولاية باعتبار أنها حكم إلهي أما هذا فأنا على الأقل ليست مقتنعا بهذا.

الرئيس: بني الإسلام على خمس.

الشيخ عبد الوهاب أبو سليمان:

هي إحدى الأحكام الأولية والمقدمة على كل الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج هذا يمثل إشكالا كبيرا في ذهني.

وذكر موضوع تزاحم الأحكام. تزاحم الأحكام في الحقيقة أن آية الله – جزاه الله خيرا – حلل هذا وبينه، فقال: "الأحكام الإلهية قد تتزاحم "يمكن أن أقول: الأحكام الإلهية قد تتزاحم على المكلف ولكن الأحكام الإلهية لا تتزاحم، وإن جاء التمثيل بأن هناك الواجب المضيق والواجب الموسع فعندئذ يقدم الواجب المضيق على الواجب الموسع، لكن عندنا كما يقولون: الحقوق لا تتزاحم والأحكام لا تتزاحم. هذا شيء.

الشيء الثاني في نفس الصفحة وأعتقد أن هذه تحتاج إلى نقاش طويل ولابد أن نفهم هذا؛ لأنها هي نقطة تهمنا جميعا، يقول كتمثيل للأحكام التي تتزاحم: "بل يمكن القول بأن الحكم الشرعي عندما يجد أن تطبيق حكم شرعي معين قد يؤدي إلى نتائج عكسية كبرى نتيجة لظروف خاصة، كما في مسألة تطبيق مسألة (الرجم) اليوم مع وجود معارضة عالمية وضجة مفتعلة قد تؤدي إلى القضاء على وجود الدولة وكيانها، فإن بإمكانه تنفيذ قوانين التزاحم وتقديم الأهم على المهم بالانتقال إلى عقاب أكثر قبولا يرفع به هذا التزاحم طبعا، مع ملاحظة أن الحالة استثنائية وأنه يجب الالتزام الكامل بالحكم عن ارتفاع الضغط، وإلى هذا المعنى تعزى مسألة التدرج في إعطاء الأحكام في صدر الإسلام أو تدرج بعض الدول الإسلامية في تطبيق الأحكام الإسلامية لكي تتلافى الصدمة وتمهد للمستقبل) .

الواقع أننا دائما نتحدث ونمتدح صمود بعض الدول الإسلامية كالمملكة وكإيران وكبعض الدول الأخرى الإسلامية التي كانت لها مواقف مشرفة في بعض المؤتمرات العالمية، والتي كان لها دور كبير في تقييد أو إلغاء بعض الأشياء التي كانت تفرض على المسلمين، ثم هذه الدول التي تقف بشجاعتها أمام هذا التيار هل يمكن أن نطالبهم – وهم واجهات مشرفة في تمثيل أحكام الشريعة – أن يتهاونوا، وأنها حالة استثنائية، أو أن يقفوا الواقفة الجريئة الشجاعة أمام هؤلاء لأن هذا ديننا وهذا ما يأمرنا به، وإذا كنتم تحترمون الأديان فاحترموا ديننا ومبادئنا؟ فإذا أعطينا هذا المبرر للحكام استثناء فما أدري بعد ذلك متى يعود الحكم للإسلام؟ ومتى يعود تطبيق الإسلام ونحن دائما إلى الوراء وإلى الضعف؟.

فضيلة الشيخ يقول: " ولي الأمر وانتخاب الفتوى الملائمة ". الواقع صحيح أنه هو في بعض الصفحات فيها تطابق العنوان مع المضمون إلا أنه عندي سؤال، يقول: "ولي الأمر وانتخاب الفتوى الملائمة ": في أحد بحثونا الماضية التي طرحت حول مسألة التلفيق والأخذ بالرخص، قلنا بأن للفرد أن يأخذ بمسألة التلفيق بين الفتاوى بعد أن بنينا ذلك على عدم لزوم اتباع الأعلم في التقليد، وهي مسألة اختلفنا فيها مع المشهور بين علماء الأمامية واتفقنا فيها مع المشهور بين علماء المذاهب الأربعة ". هل فقهاء المذاهب الأربعة يقولون بالتلفيق؟ وإذا عرض الموضوع ولفق من كل مذهب قالوا: يجوز التلفيق بشرط أنه لو عرض على إمام واحد قبله، لكن لو عرض هذا التلفيق على إمام واحد ولم يقبله فعندئذ لا يقبل. إذن الموضوع إما أن يحتاج إلى تحديد أو إلى تقييد أو إلى تحرير.

<<  <  ج: ص:  >  >>