للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويوافقون الحنفية في إطالة مدة الإجارة إذا حملت على ذلك حاجة الوقف إلى تعمير وإصلاح، ويصلون بالمدة في هذه الحال إلى أربعين أو خمسين سنة، والمعيار عندهم أيضاً في الأجرة (أجرة المثل) ولا تفسخ الإجارة عندهم إذا زادت أجرة المثل بعد أن تم العقد بأجرة المثل التي كانت سائدة في وقته، أما إذا كان العقد قد تم أصلاً بأقل من أجر المثل فتقبل الزيادة ويفسخ لها العقد الأول (١) .

والشافعية يشترطون في الأجرة أن تكون أجرة المثل، وإذا تم العقد عندهم لا يفسخ بزيادة الأجرة أو بعرض زيادة في الأصح، لوقوعه في وقته وفق المصلحة المقررة فكان شبيهاً بارتفاع قيمة المبيع بعد تمام البيع، ومقابل الأصح جواز الفسخ لتبين وقوع الأول على خلاف المصلحة (٢) .

والحنابلة يرون أن الناظر لو أجر العين الموقوفة من أجرة المثل فإنه يضمن الفرق بين القيمتين: أجر المثل والأجر الواقعي الذي أجر به مع تصحيح الإجارة وعدم فسخها (٣) .

٢- عقد الإجارتين:

هو إيجار الوقف بإجارتين إحداهما معجلة والأخرى مؤجلة، وقد بدت الحاجة إلى هذا النمط من العقود المتفرع عن عقد الإجارة السابق عندما تخربت عقارات الوقف مع عدم وجود من يرغب في إجارتها إجارة واحدة كما هو المعهود، كما أنه لا يوجد من غلة الوقف السابقة ما يفي بعمارتها.

ومقتضى هذا العقد أن يؤخذ من المستأجر إجارة معجلة تقرب من قيمة عقار الوقف مع ترتيب مبلغ آخر عليه يؤخذ منه آخر كل سنة باسم إجارة مؤجلة، وتصرف الإجارة المعجلة على تعمير الوقف، أما الإجارة المؤجلة فالغرض منها الإعلام بأن الموقوف مؤجر، ولسد الطريق أمام المستأجر بادعاء ملكيته له مع مرور الزمن (٤) .


(١) الشرح الصغير: ٤/١٣٤ – ١٣٥.
(٢) نهاية المحتاج: ٥/٤٠٣؛ والفقه الإسلامي وأدلته: ٨/٢٣٦.
(٣) كشاف القناع: ٤/٢٩٧ وما بعدها؛ والفقه الإسلامي وأدلته: ٨/٢٣٦.
(٤) الوقف في الشريعة والقانون للأستاذ زهدي يكن، ص ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>