للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحديث يدل على الشراء مع الالتزام بالعتق، والعتق خروج المبيع من الملك، ومنع المالك من حرية التصرف، ولو أن أم المؤمنين أعانتها دون أن تشتريها، وأعتقها أهلها، لكان لهم الولاء، ولكنها أرادت أن يكون لها الولاء، ولا يتم هذا إلا بالشراء والعتق، فالشراء هنا مرتبط بالعتق وما يترتب عليه من الولاء (١) .

والالتزام بالعتق يتنافى مع مقتضى العقد، ومع ذلك أجازه الجمهور، وهذا الذي يتفق مع فقه الحديث، أما الحنفية فقد سبق قول الكاساني: (لو باعها بشرط أن يعتقها المشتري فالبيع فاسد في ظاهر الرواية عن أصحابنا، وروى الحسن عن أبي حنيفة – رضي الله عنهما – أنه جائز) (٢) .

ومع أن فقه الحديث يؤدي رأي الجمهور، غير أنهم اختلفوا في بيان سبب الجواز:

فقال المالكية بأن السبب هو أن العتق عمل من أعمال البر كم سبق بيانه، وفي المدونة: (قلت) : أرأيت إن اشتريت عبدًا على أن أعتقه، أيجوز هذا الشراء في قول مالك؟ (قال) : نعم. (قلت) : لم أجزته وهذا البائع لم يستقص الثمن كله للشرط الذي في العبد؟ (قال) : لأن البائع وضع من الثمن للشرط الذي في العبد فلم يقع فيه الغرر (٣) .


(١) ولذلك ذكره البخاري في كتاب الشروط. باب ما يجوز من شروط المكاتب إذا رضي بالبيع على أن يعتق، وفي كتاب المكاتب. باب ما يجوز من شروط المكاتب ومن اشترط شرطًا ليس في كتاب الله، وباب إذا قال المكتب اشترني وأعتقني – فاشتراه لذلك. (راجع الكتب والأبواب في صحيح البخاري، وفي فتح الباري: ٥ / ٣٢٤، ١٨٧، ١٩٦) .
(٢) بدائع الصنائع: ٥ / ١٧٠.
(٣) المدونة: ٤ / ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>