للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يرجح أن صحة مثل هذا الشرط لا يقف عند العتق وحده دون غيره، فأعمال البر كثيرة منها ما يفضل العتق، فيكون الحديث دالًا على صحة الشرط المنافي لمقتضى العقد إذا كان لمعنى من معاني البر. وما جاء في المدونة ينطبق على غير العتق؛ فمثلًا من باع أرضًا لتكون وقفًا، أو لبناء مسجد، أو لأي مشروع خيري، يمكن أن يضع من الثمن للشرط الذي في العقد، ولولا الشرط لما رضي.

أما الشافعية فإنهم يأخذون بحديث النهي عن بيع وشرط، وسيأتي في موضعه، وجعلوا الشروط خمسة أضرب كما سبق بيانه، ورأوا فساد الشرط الذي لا يقتضيه مطلق العقد ولا يتعلق بمصلحته، غير أنهم وقفوا عند البيع بشرط العتق، ففيه ثلاثة أقوال، الصحيح المشهور أن البيع صحيح والشرط لازم، وهو المذهب.

وجواز شرط العتق دون سواه عندهم اتباعًا للسنة، ولفراق العتق لما سواه كما ذكر الإمام الشافعي، وقال: (فإن قال رجل ما فرق بين العتق وغيره؟ قيل: قد يكون لي نصف العبد فأهبه أو أبيعه وأصنع به ما شئت غير العتق، ولا يلزمني ضمان نصيب شريكي فيه؛ ولا يخرج نصيب شريكي من يده، لأن كلاً مالك لما ملك. فإن أعتقته وأنا موسر عتق على نصف شريكي الذي لا أملك ولم أعتق، وضمنت قيمته، وخرج من يدي شريكي بغير أمره) (١) .

والاستدلال بالسنة واضح، ولكن عدم إلحاق شيء بالعتق فيه نظر، لأن ما ذكره من السراية شرع مثله في غير العتق، وبيان هذا يأتي في مناقشة رأي الحنابلة.


(١) الأم: ٣ / ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>