للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحديث الرابع: حديث النهي عن بيع وشرط:

وهذا يتعارض مع الأحاديث الثلاثة السابقة، ففي كل منها شطر صح مع البيع.

والحنفية والشافعية هم الذين استدلوا بهذا الحديث كما رأينا من قبل، فلننظر في تخريجه:

قال الحافظ الزيلعي: روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط، قلت – أي الزيلعي – رواه الطبراني في معجمه الأوسط، ورواه الحاكم في كتاب علوم الحديث في باب الأحاديث المتعارضة، ومن جهة الحاكم ذكره عبد الحق في أحكامه، وسكت عنه.

ثم ذكر الزيلعي تضعيف ابن القطان للحديث، ثم قال: واستدل ابن الجوزي في التحقيق على صحة البيع بشرط العتق بحديث بريرة عن عائشة، اشترتها بشرط العتق، فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وصحح البيع والشرط، وأقره صاحب التنقيح عليه (١) .

واستدل السبكي بالحديث، فاستغربه النووي (٢) .

وذكر ابن حجر استغراب النووي، وكذلك ابن أبي الفوارس (٣) .

وذكر الشوكاني أيضًا استغراب النووي وابن أبي الفوارس (٤) .

وقال ابن تيمية: (قد ذكره جماعة من المصنفين في الفقه، ولا يوجد في شيء من دواوين الحديث. وقد أنكره أحمد وغيره من العلماء، وذكروا أنه لا يعرف، وأن الأحاديث الصحيحة تعارضه) (٥) .

والحديث موجود في المعجم الأوسط للطبراني كما قال الزيعلي وغيره، في الجزء الرابع، ص ٣٣٥ رقم ٤٣٦١، وهو:

حدثنا عبد الله بن أيوب القربي، قال: نا محمد بن سليمان الذهلي، قال: نا عبد الوارث بن سعيد، قال: قدمت مكة فوجدت بها أبا حنيفة، وابن أبي ليلى وابن شبرمة، فسألت أبا حنيفة، قلت: ما تقول في رجل باع بيعًا وشرط شرطًا. قال: البيع باطل والشرط باطل. ثم أتيت ابن أبي ليلى، فسألته، فقال: البيع جائز والشرط باطل، ثم أتيت ابن شبرمة، فسألته، فقال: البيع جائز والشرط جائز. فقلت: يا سبحان الله، ثلاثة من فقهاء العراق اختلفتم عليَّ في مسألة واحدة.

فأتيت أبا حنيفة، فأخبرته، فقال: لا أدري ما قالا؛ حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط.

البيع باطل، والشرط باطل.

ثم أتيت ابن أبي ليلى، فأخبرته، فقال: لا أدري ما قالا؛ حدثني هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة، قالت: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أشترى بريرة، فأعتقها. البيع جائزة، والشرط باطل.

ثم أتيت ابن شبرمة فأخبرته، فقال لا أدري ما قالا، حدثني مسعر بن كدام، عن محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله، قال: بعت النبي صلى الله عليه وسلم جملًا وشرط لي حملانه إلى المدينة، البيع جائز، والشرط جائز. اهـ.

وفي مجمع البحرين في زوائد المعجمين ذكر بالحديث كاملًا، وجاء بعده: لم يروه عن هؤلاء الثلاثة إلا عبد الوارث.


(١) انظر نصب الراية: ٤ / ٤٧: ١٨.
(٢) انظر المجموع: ٩ / ٣٦٣.
(٣) انظر تخليص الحبير: ٣ / ١٢.
(٤) راجع نيل الأوطار: ٥ / ٢٠٢.
(٥) مجموع الفتاوي: ٢٩ / ١٣٢، وذكر هذا في المبحث السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>