للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥- ومع هذا لا بد من بيان الفرق بين الشرط الجزائي والتعزير المالي فالتعزير المالي عقوبة تعزيرية يفرضها القاضي على المدين. والشرط الجزائي تم عن طريق الاتفاق على التعويض بين المتعاقدين بالشرط في العقد، فالتعويض في الشرط الجزائي سببه الإخلال بالعقد وتم تحديده بالشرط فهو من ضمان العقد، وتعويض لضرر لحق بالدائن، فهو حق للعبد من الجوابر التي وجبت لجبر ما فات من حقوق الأفراد المتمثل في جبر الضرر المالي الذي قد يلحق به بسبب عدم تنفيذ التعهدات والالتزامات.

ونتيجة لذلك فإن الشرط الجزائي يجوز التنازل أو العفو أو الإبراء بعد استحقاقه، وكذلك يجوز الصلح عليه باعتباره حقا للعبد، كما أنه يورث بموت صاحبه، ويجوز للورثة المطالبة به برفع الأمر للقضاء.

فالشرط الجزائي ليس من العقوبات التي هي من الزواجر ومن المسؤولية الجنائية، ولا يجوز فيها الصلح أو العفو أو الإبراء لأن الحق فيها للمجتمع وحق الله فيها غالب (١) .

٦- يلزم مراعاة الشرط بقدر الإمكان (مادة ٨٣ من المجلة) فيجب احترام وتنفيذ الشرط المتفق عليه في العقد إذا كان موافقا للشرع، أو لمقتضى العقد وكان تنفيذه ممكنا ومفيدا، والمراد بالشرط هنا الشرط التقييدي لا الشرط التعليقي، والدليل على وجوب احترام الشروط في العقود هو قوله صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما)) .

٧- الضرر يزال (مادة ٢٠ من المجلة) ، وإذا وقع الضرر فإن إزالته عمن لحقه لا تكون في بعض الأحيان إلا بالتعويض عليه، لأن معاقبة المتسبب في الضرر قد لا تفيد المضرور شيئا دون التعويض عليه في بعض الأحوال، فالتعويض هو وحده الذي يزيل الضرر عنه (٢) .

٨- قد يعترض البعض فيقول: إن الفقه الإسلامي قد حمى الدائن في حالة عدم تنفيذ المدين للالتزام، بكونه شرع التنفيذ الجبري على المدين والتعزير بالحبس. ويرد على ذلك بأن الاعتداء بالتنفيذ الجبري وحده قد لا يكفي لرفع الضرر عن الدائن في جميع الظروف المختلفة، وذلك كما لو ترك الأجير الزرع وتلف، فإن إجباره على السقي أو استئجار غيره على نفقته لن يفيد في رفع الضرر في هذه الحالة، بل يتعين التعويض لإزالة الضرر عندئذ (٣) .


(١) المصدر السابق، ص ٢٥٢.
(٢) الشرط الجزائي، د. الحموي، ص ١٩٠-١٩٢.
(٣) المصدر السابق، ص٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>