للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣) المسلك الثالث

تخريج زكاة الأوراق باعتبار المال المحفوظ بخزانة البنك

ولو قيل: إن حق المتعاملين بهذه الأوراق متعلق بعين النقود المحفوظة بالبنك، كما قد يفهم مما جاء في نظامها السابق حيث قيل فيه (وعند التصفية يكون هذا المال مخصصًا لدفع قيمة الأوراق واستعادتها) ؛ لكان له وجه، وحينئذ يكون المال المحفوظ بالبنك بدلاً عن رؤوس الأموال والمقومات الواصلة إليه من المتعاملين بتلك الأوراق، وكأن الحكومة بالنيابة عنهم تعاقدت مع البنك على هذه الصورة، وعلى ذلك فلا تخرج زكاة هذه الأوراق على زكاة الدين مطلقًا، بل تجب الزكاة فيها اتفقًا باعتبار ما يعادلها من النقود المحفوظة، لا باعتبار ذاتها ولا باعتبار شيء مضمون في الذمة، وتكون هذه الأوراق كمستندات ودائع محفوظة في خزائن الأمناء، جعل التعامل بها طريقًا للتعامل بالبدل المحفوظ بالمصارف، ينمو بنمائها، ويتحرك بحركتها، ويربح ويخسر بربحها وخسارتها. وإذا بطلت المعاملة بها كان للمالك الحق في الرجوع بقيمتها ذهبًا أو فضة على خزانة البنك بمقتضى التعهد السابق التعامل، وإن لم يجر به مباشرة، إلا أنه جار فيه بصورته ورسمه، وثمنية الأوراق إنما هي باعتبار هذا المال المخزون، بحيث لو عدم عدمت ثمنيتها وبطل التعامل بها، وحينئذ فالزكاة في الحقيقة واجبة فيه لا في الأوراق، وانتفاع الفقير بجزئه المعتبر شرعًا كانتفاع المالك بسائر أجزائه، وعلى ذلك فلا خلاف في زكاتها بلا توقف على قض، ولكن يبعد هذا القول أن التعهد السابق يقيد أن ما في البنك نصفه نقود ونصفه قراطيس مالية، بل يصبح في ظروف خاصة أن يكون أقل من ذلك (١)


(١) ينظر رسالة (التبيان في زكاة الأثمان) للشيخ مخلوف: ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>