للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٤) المسلك الرابع

تخريج زكاة الأوراق باعتبار قيمتها الوضعية

ولو فرض أنه ليس في البنك شيء من العقود، ونظرًا إلى تلك الأوراق في ذاتها بقطع النظر عما يعادلها وعن التزام التعهد المرقوم بها، واعتبر جهة إصدار الحكومة لها واعتبار الملة أثمانًا رائجة؛ لكانت كالنقدين تجب زكاتها على القول بأن الزكاة في النقدين معلولة بمجرد الثمنية، ولو لم تكن خلقية، كما تقدم في زكاة الفلوس وقطع الجلود والكواغد، فتحصل أن الأوراق المالية يصح أن تزكى باعتبارات أربعة:

الأول: باعتبار المال المضمون بها في ذمة البنك وأنه كمال حاضر مقبوض، وإن لم يكن كالدين المعروف عند الفقهاء من كل وجه.

الثاني: زكاتها باعتبار الأموال المحفوظة بخزانة البنك، وعلى هذين الاعتبارين فالزكاة واجبة فيها اتفاقًا.

الثالث: زكاتها باعتبار قيمتها دينًا في ذمة البنك، فتزكى زكاة الدين الحال على مليء، كما ذهب إليه السادة الشافعية.

الرابع: زكاتها باعتبار قيمتها الوضعية عند جريان الرسم بها في المعاملات واتفاق الملة على اتخاذها أثمانًا للمقومات، وعلى ذلك فوجوب الزكاة فيها ثابت بالقياس، كزكاة الفلوس النحاس وقطع الجلود ونحوهما، ولكن هذا لا يتم إلا إذا تحقق الغرض المذكور في الأوراق المالية، وحينئذ يكون التعامل بها كالتعامل بالفلوس وقطع الجلود سواء، وإلا فالتعامل بها الآن منظور فيه إلى قيمتها المضمونة بذمة البنك والمودعة في خزانته، وأنه حتم عليه أن يدفع تلك القيمة متى طلب منه ذلك، فهي كالعقود بخلاف العملة المعدنية غير الذهب والفضة (١) .


(١) ينظر رسالة (التبيان في زكاة الأثمان) للشيخ مخلوف: ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>