للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٥) فتوى العالم المفتي الشيخ محمد سعيد العرفي

مفتي محافظة الفرات، رحمه الله تعالى

"أما ما ذكرتم عن الورق السوري، فقد أصبح بعد منع التعامل بالذهب هو العملة المرعية، وبعبارة أصرح هو الذهب والفضة، فلا يجوز بيعه نسيئة إلا هكذا بهكذا – أي بغير أجل – وإلا كان ربا، وإذا كان المتقدمون لم يبحثوا هذه الجهة فلم يذكر التاريخ أن التعامل بالذهب ممنوع إلا في عصرنا هذا، إذن أصبح هذا – أي الورق السوري – هو الذهب بعينه، فيجب أن يأخذ حكمه قطعًا، وما حصول الاختلاف إلا ترويجًا للربا بإيجاد وسيلة، كما كانوا يحتالون عليه، وسموها حيلة شرعية، بلا خجل ممن يعلم السر وأخفى.

وأما بيع الليرة الذهبية بالورق إلى أجل فإنه لا يجوز لأسباب كثيرة، منها: أنه عرض نفسه لخطر التبعة؛ لأنه مسئول أمام القانون، فالاختلاف في الجواز إباحة لتعريض الضعيف إلى الوقوع بالتهلكة يستفيد منها أرباب الثروة، أكابر مجرميها ليمكروا فيها، وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون.

إن الوقوف على إيجاد نص موهوم لزمن غير هذا الزمن لم يحصل فيه هذا المنع بالتعامل، ما هو إلا استحلال للربا عن طريق الشرع، ظنًا منه أن هذا يحل له ونسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أحدكم ربما يكون ألحن من أحيه بحجته، فأقضي له، فمن قضيت له بحق أخيه فلا يأخذه، فإنما يأخذ قطعة من نار)) رواه البخاري.

ولذلك فإنك إذا فحصت المجوز تجده إما من أرباب الثروة أو من أذنابهم، ممن يرجو صدقاتهم التي هي أوساخ الناس، يبيع دينه بدين غيره؛ أملاً في استفادة موهومة.

إلى أن قال رحمه الله تعالى: "وقانا الله شر الربا والذي ابتليت به البلاد الإسلامية، فلا حول ولا قوة إلا بالله؛ لأنهم نسوا اتفاق الأمة: على أن كل قرض جر نفعًا فهو ربا، ونسوا قول الله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: ٢٧٩] .

وبالختام أرجو أن لا تنسوني من دعواتكم الصالحة، جعل الله تجارة الجميع رابحة، وزودكم بالتقوى، فإنها خير زاد وأفضله، وأخذ بيدكم إلى سواء السبيل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

<<  <  ج: ص:  >  >>