للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقوق لا يعرفها الفكر المادي مطلقا:

على ضوء ما تقدم نعرف أن حقوق الإنسان هي الحالات الطبيعية التي يحتاجها الإنسان بطبيعته وفطرته لكي يطوي مسير تكامله الفطري.

ولكن من المناسب التعرض إلى بعض الحالات الطبيعية التي يحتاجها الإنسان بطبيعته، لكي يطوي مسيرته التكاملية، ويمكن أن نلخصها بالحاجات المادية، والحاجات الأخلاقية، والحاجات التشريعية الحضارية.

أ - الحاجات المادية:

وتشمل الاحتياجات الطبيعية للتغذية والأمن واللباس والتأمين الصحي والمأوى، وكل ما يبقى الإنسان فردا نشطا حيا في المجتمع، كما تتضمن كل ما يتطلبه الإنسان من إشباع للحاجات الجنسية والميول التناسلية ورعاية الطفولة والأمومة ... وأمثال ذلك مما يبقي النسل البشري حيا فعالا.

ب - الحاجات العقلية المعنوية:

وتتضمن الحاجة إلى الحرية الفكرية والتنمية العقلية والتأمل الحر في الكون، وتنمية الحس الفلسفي، وتقوية المنطق في تصور الأشياء، كل ذلك حاجة إنسانية أصيلة لا يمكن أن تنكر.

ج - الحاجات الأخلاقية:

وهي اتجاهات وميول طبيعية في الوجود الإنساني تتطلب إشباعات مناسبة، فالحاجة إلى التربية الواقعية، وتوفير الجو المناسب لنمو الحس الجمالي والأخلاقي، ونفي كل ما لا ينسجم والصفاء الفطري، وتوفير جو الرحمة والعطف. وبالتالي توفير كل ما هو إنساني إنما يعبر عن حاجة فطرية أصيلة. ومن هذه النزعات الأخلاقية - بلا ريب - نزعته نحو التدين تجاه خالقه الوحيد.

د - الحاجة التشريعية الحضارية:

تعني حاجة الإنسان لتشكيل المجتمع، وما يتطلبه هذا التشكيل من تشريع عملي مؤقت أو حضاري مستمر، وبالتالي حاجته للوصول إلى أدق السبل لتحقيق النزعة الفطرية نحو السعادة، وهذا يتطلب إشباع حاجه التشريعية بأفضل السبل.

وعلى هذا الأساس نعتقد أن حقوق الإنسان تتجاوز كل ما قيل وطرح من حقوق إلى أمور أخرى نستطيع أن نعبر عنها بحق التعبد والتدين وحق الرعاية الخلقية، بل وحق الوصول إلى الدين القيم وأمثال ذلك.

وهذا الحق هو مبنى البحث الديني المهم في مجال الحاجة إلى الأنبياء، وإن الدين لطف بالإنسان، وإن الله تعالى هو منبع اللطف والرحمة مما يؤدي للقول بوجوب بعثة الأنبياء وجوبا لطفيًا، ولن نطيل الحديث في هذا المجال بل نتركه إلى مظانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>