للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه المبادئ جديرة بأن تمكن من سن بيان عالمي لـ حقوق الإنسان، ينطلق من هاته المبادئ التي نصت عليها الآيات والأحاديث، وستكون أحسن وأخلد من البيان العالمي الحالي، الذي صاحبه هاجس الاستعمار المعد تحت وطأة تأثيره، وإذا أحسنا نحن المسلمين إبلاغ حقائق الإسلام لغير المسلمين، عندها سيتضح للمنصف من المهتمين بضرورة توفير الحقوق الأساسية للإنسان، الفرق الشاسع بين البيان العالمي لـ حقوق الإنسان، ونظريات الشريعة الإسلامية، وإذا ما ذكرنا بذلك البيان، فليس المراد أن نعقد مقارنة بينه وبين مقررات الشريعة الإسلامية في هذا الصدد، ولا أن أبين أن هناك إلزامًا للشريعة على قبول ما جاء في ذلك البيان، ولكن ليعلم من كتب له الاطلاع على هاته المحاولة، أن المكاسب والضمانات التي حمى بها الإسلام الإنسان تجعله مفضلًا على غيره مكرمًا في مجتمعه، متميزًا بتحكم العقل في تصرفاته ليعقله عن كل الممارسات التي تنمي فيه اتباع الشهوات وما يمليه اتباع الهوى من تكريسه الغرائز البهيمية، بينما التربية الإسلامية ترتقي به إلى اتباع نصوص تؤصل في نفسه وحدانية الخالق، كما تمنعه من ولاءات دائمة للعباد الذين هم مثله، فيتحتم عليه الانسياق وراء إملاءاتهم إذا كانوا رجال دين، فبواسطة أطروحات سنوها لضمان سلطتهم، هم وخلفاؤهم إلى الأبد، كما هو الحال بالنسبة لأصحاب الكتابين الإنجيل والتوراة، وإما بواسطة قواعد قانونية تجعل الإنسان مستعبدًا لمؤسسات نظمتها مجموعة أودعتها كلما يحكم ضرورة اتباع من تطبق عليهم اختيارات تلك المجموعات، على أن تبقى عرضة للتغيير كلما ضعفت عن ضمان مصلحة القائمين على تلك المؤسسات، هذا إذا كان الأمر يهم المؤسسات الدستورية (الحياة السياسية العامة) .

<<  <  ج: ص:  >  >>