للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الإمام الماوردي من الشافعية:

- أما اليد الأمينة، فيد الوكيل، والمضارب، والشريك، والمودع، والمستأجر، والمرتهن. فهؤلاء كلهم لا ضمان عليهم ما لم يتعدوا ويفرطوا (١) .

- لو شرطا (أي صاحب رأس المال وعامل القراض) في عقد القراض تحمل العامل للخسران كان القراض باطلًا، لاشتراطهما خلاف موجبه (٢) .

أما ما ورد بجواز فرض الضمان على المضارب فهو مجرد قول مرجوح عند كل من المالكية، والإباضية، فقد أجاز القاضي أبو المطرف بن بشير من فقهاء المالكية تطوع عامل المضاربة بضمان رأس المال، ووافقه على ذلك تلميذه ابن عتاب (٣) . وقد اعترض عليهما سائر فقهاء المالكية، كما سيتم بيانه في موضع قادم من هذا البحث (٤) . أما القول الآخر فهو أيضًا قول مرجوح عند الإباضية ذكره صاحب شرح النيل (٥) . ويستند إلى الحديث الذي أخرجه الترمذي وأبو داود بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلمون على شروطهم، إلا شرطًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا)) (٦) .

وقول الجمهور هو الأرجح لما هو واضح في الجزء المتبقي من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم سالف الذكر: ((إلا شرطًا حرم حلالا أو أحل حرامًا)) . وتفسير ذلك هو أن شرط الضمان يؤدي إلى ارتكاب محظورين في آن واحد، هما الوقوع في الربا، والوقوع في الغرر، كما سيتم توضيحه في الفقرات التالية. وهما محرمان؛ لمجموع الآيات من كتاب الله عز وجل، والأحاديث الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم الدالة على تحريم الربا، وكذا الأخبار الواردة بالنهي عن قرض جَرَّ نفعًا. ويعني ذلك أن أساس النهي ليس في فرض الضمان في حد ذاته، وإنما فيما يترتب عليه من وقوع كل من الربا والغرر بين صاحب رأس المال وعامل المضاربة.


(١) الإمام الماوردي، الحاوي الكبير: ٨/ ١٩١.
(٢) الإمام الماوردي، الحاوي الكبير: ٩/ ١٣٣
(٣) انظر: أبو العباس الونشريسي، إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك، ص ٣٠١.
(٤) انظر: ص ١٧٢ وما بعدها من هذا البحث.
(٥) محمد بن يوسف أطفيش، شرح النيل: ١/ ٣٢٢ ـ ٣٢٣.
(٦) رواه الترمذي، كتاب الأحكام، وأبو داود، كتاب الأقضية.

<<  <  ج: ص:  >  >>