للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - إن هناك قياسًا مع الفارق الكبير بين تضمين الأجير المشترك وعامل المضاربة، ويرجع ذلك للسببين التاليين:

١- إن من أحد الشروط الأساسية لصحة القياس، أن يكون الأصل المقيس عليه ثابت بالنص أو بالإجماع، وذلك غير متوافر في حالتنا هذه، لأن تضمين الأجير المشترك، أو الصانع المشترك غير متفق عليه بين جمهور الفقهاء، فالأجير المشترك يضمن عند الحنفية والحنابلة من غير تعد للمصلحة، ولا يضمن عند مالك باستثناء حامل الطعام والطحان، وللشافعي فيه قولان. كما أن الصانع المشترك يضمن عند مالك، والحنفية والمالكية، وللشافعي فيه نفس القولين (١) .

٢- إن الفرع المطلوب قياسه (عامل المضاربة) فيه اختلاف عن الأصل المقيس عليه (الأجير المشترك) : فمحل الضمان في حالة الأجير المشترك، أو الصانع المشترك، هو العين المطلوب بذل العمل فيها كالثياب المطلوب إصلاحها أو الطعام المطلوب إعداده. والأصل في هذا النوع من الأعين ألا تهلك في يد الأجير أو الصانع المشترك إلا بسبب تعد أو تقصير منهما. وهذا المعني لا يتوافر في حالة المضارب المشترك، فمحل الضمان بالنسبة لحالته هو النقود، والقصد فيها هو النماء وتحقيق الربح لمنفعة طرفي العقد من خلال أنشطة التجارة المختلفة وهذا المعنى له دلالة معينة، وهي أنه يعكس في أغلب الظن حرص عامل المضاربة على تحقيق الربح، لوجود مصلحة مشتركة بينه وبين صاحب رأس المال في هذا النشاط فيكون الأصل هو براءة الذمة وعدم افتراض التعدي، وبالتالي لا يضمن إلا إذا ثبت عكس ذلك.

وأخذًا في الاعتبار لكل وجوه الاختلاف سالفة الذكر نستطيع القول بأن المطالبة بتضمين البنوك الإسلامية لأرصدة الحسابات الاستثمارية قياسًا على تضمين الأجير المشترك، لا يعدو إلا أن يكون قياسًا فاسدًا أو مع الفارق.


(١) انظر: ابن رشد، بداية المجتهد ٢/ ٢٣٢، الماوردي، الحاوي الكبير: ٩/ ٢٥٥، ابن قدامة المغني، ص ٣٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>