للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا وقع الضمان بالشرط، ويستوي في ذلك ما جاء في اقتراح د. نزيه، أو ما أفتى به د. سامي حمود بالنسبة لحالة الأجير المشترك أو الصانع المشترك على سبيل المثال.

فإن ذمة المضارب في هذه الحالة تنشغل بالمال الذي تحت يد الأمين من البداية، وإلى حين ثبوت البراءة من أي تهمة محتملة، وهذا النوع من الضمان مرفوض في حالة عقود المضاربة والمشاركة والوديعة باتفاق جمهور العلماء في جميع المذاهب المعتمدة، بسبب أنها جميعًا غير مضمونة في أصلها. وعلى سبيل المثال يقول الإمام الماوردي: (لا يخلو حال المضمون من أحد أمرين: إما أن يكون مضمون الأصل، أو غير مضمون الأصل، فإن كان غير مضمون الأصل كالودائع والشرك والمضاربات، فضمانه باطل، لأن ضمان أصله غير لازم) (١) .

ويقول الإمام ابن المنذر بالنسبة لعقد الوديعة: (وأجمع أكثر أهل العلم على أن المودع إذا أحرز الوديعة، ثم تلفت من غير جنايته، أن لا ضمان عليه) (٢) .

ومن ناحية ثانية، فإن الأموال النقدية، وبصفة خاصة تلك المتعلقة بأنشطة المضاربة، تعتبر سريعة الاستهلاك، فإذا فرض الضمان على البنك بالشرط من البداية، يكون طبيعيًّا دخول هذه الأموال في ذمته فور تسلمه لها، أو تصرفه فيها بأي شكل من أشكال التصرف (والفترة الزمنية الواقعة بين الحدثين لا شك قصيرة) ويتبع ذلك بالضرورة وقوع الالتزام عليه بردها كاملة في جميع الأحوال، أي سواء أكان الضمان بسبب التلف أو بسبب التجارة. نعم هناك اختلاف بين الفقهاء حول صحة ضمان العين القائمة، لأنها إذا كانت لا تزال باقية فالواجب ردها كما هي، أما إذا تلفت أو استهلكت لأي سبب من الأسباب فيلزم الضامن غرم قيمتها، ولكن الأمر يختلف بالنسبة لحالة فرض الضمان على النقود (رأس مال المضاربة) لسرعة قابليتها للاستهلاك في أغلب الظن، بالتالي تستقر قيمتها في هذه الحالة كحق ثابت في الذمة فور استهلاكها بالتصرف فيها، والله أعلى وأعلم.


(١) انظر: الإمام الماوردي، الحاوي الكبير: ٨/ ١٠٩.
(٢) انظر: ابن المنذر، الإشراف على مذاهب أهل العلم: ٢/ ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>