للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الناظر في الأحكام التي قررها الفقهاء للمضاربة المطلقة يجدها أحكامًا مرنة تتسع لاحتضان كافة الأشكال الجديدة للتعامل في نطاق المضاربة، وليس فيها عجز في استيعاب مستجدات العصر في هذا المجال، إن نظرة متفحصة في مجمل المسائل التي استند إليها مهندسو فكرة المضاربة المشتركة في تقرير عدم مقدرة المضاربة على الوفاء بحاجات الاستثمار المالي المعاصر، تهدي المرء إلى أن نقدهم انصب ـ بصورة واضحة ـ على المضاربة المقيدة وليست المضاربة المطلقة.

وتوضيحًا لهذا الأمر، فإننا نرى أن نقف على تلخيص أمين للنقاط الأساسية التي ذكرها الدكتور سامي مبررًا عدم صلاحية نظام المضاربة بالشكل الذي صيغت فيه قواعده للوفاء بحاجات الاستثمار المالي المعاصر، وهي:

١- إن المضاربة لا تقبل انضمام طرف ثالث للمضاربة بعد بدء العمل فيها، وهذا لا يمكن القبول به في هذا العصر، ذلك لأن (الاستثمار المالي بالأسلوب المصرفي بني ـ أساسًا ـ على الخلط المتلاحق للأموال المودعة مع بقاء الأمور على حالها) (١) .

٢- إن لرب المال في المضاربة (. . أن يفيد المضارب بالشروط التي يراها مناسبة لحفظ ماله من الضياع، فله ـ مثلًا ـ أن يقيده بالمكان. . . وله أن يقيده بما يجوز له أن يتجر به. . . وله ألا يأذن له بإعطاء المال للغير مضاربة، والأهم من ذلك كله أن له أن يفسخ العقد ويكلف المضارب بتنضيض رأس المال. . فكيف يمكن لنا أن نتصور قيام استثمار جماعي يمكن أن يشترط فيه رب المال هذه الشروط ـ والتي هي شروط من حقه أن يشترطها في نطاق التعاقد الخاص بالنسبة لعقد المضاربة. . .) (٢) .

٣- وفضلًا عن هذا، إن اقتسام الأرباح في المضاربة الخاصة مبني على أساس التصفية الكاملة للعملية، ومعلوم (. . . أن الاستثمار الجماعي المشترك يقوم على فكرة استمرار الاستثمار من ناحية، وإجراء توزيع الأرباح في فترات دورية من ناحية أخرى، حيث يتعذر إجراء التصفية الكلية في نهاية كل فترة يوزع فيها الربح على المستثمرين. .) (٣) .


(١) انظر: تطوير الأعمال المصرفية، مرجع سابق، ص ٣٨٤.
(٢) تطوير الأعمال المصرفية، ص ٣٨٥
(٣) تطوير الأعمال المصرفية: ص ٣٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>