للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المضاربة المقيدة، فتعني تقييد رب المال تصرف المضارب (= العامل) في مال المضاربة، كأن يشترط عليه الالتزام بعمل معين أو بمكان أو زمان معينين أو بأشخاص معينين. وهذا التقييد لا يخلو أن يكون كليًا أو جزئيًا، فإذا اشترط رب المال على المضارب (= العامل) الالتزام بعمل معين وبمكان وزمان معينين وبأشخاص معينين، كان التقييد تقييدًا كليًا، وأما إذا اشترط عليه الالتزام ببعض من الأوصاف المذكورة، كأن يشترط عليه الالتزام بعمل معين فقط، فإن التقييد يكون ـ حينئذ ـ جزئيًا، إذ تظل المضاربة مطلقة في المكان والزمان وصفة من يعامله، وكذلك الحال فينا لو قيَّده رب المال في المكان ودون نوعية العمل، وفي هذا يقول الإمام الكاساني ما نصه: (. . وأما المضاربة المقيدة، فحكمها حكم المضاربة المطلقة في جميع ما وصفنا لا تفارقها إلا في قدر القيد، والأصل فيه أن التقيد إن كان مفيدًا يثبت، لأن الأصل في الشروط اعتبارها ما أمكن، وإذا كان القيد مفيدًا كأن يمكن يمكن الاعتبار، فيعتبر لقول النبي ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ: ((المسلمون عند شروطهم)) ، فيتقيد بالمذكور، ويبقى مطلقًا فيما وراءه على الأصل المعهود في المطلق إذا قيد ببعض المذكور أنه يبقى مطلقًا فيما وراءه كالعام إذا خص منه بعضه أنه يبقى عامًا فيما وراءه. وإن لم يكن مفيدًا، لا يثبت بل يبقى مطلقًا، لأن ما لا فائدة فيه يلغي ويلحق بالعدم. . .) (١) .


(١) انظر: بدائع الصنائع، مرجع سابق: ٦/ ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>