للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بناء على هذا التصنيف الواضح لأشكال المضاربة في التراث الفقهي (١) ، نرى أنه ليست ثمة معقولية في تعميم القول بأن المضاربة كل المضاربة لا يمكن لها الوفاء بحاجات الاستثمار المصرفي في هذا العصر، والحال أن الأمر لا يكاد ينطبق إلا على المضاربة التي سماها بعض الفقهاء بالمضاربة الخاصة، وأما المضاربة العامة، فإنها قادرة على استيعاب سائر الأساليب الاستثمارية القائمة على فكرة التعاون بين أرباب الأموال ـ لا دراية لهم غالبًا بأوجه تقليب الأموال ـ وبين المستثمرين الذين يحتاجون إلى رؤوس أموال لتوظيفها من أجل تحقيق أرباح لهم ولأصحاب الأموال والجهات المشاركة في عملية الاستثمار، وعليه، فإن مبادئ وقواعد المضاربة العامة والمطلقة المرنة تتسع لتحقيق الاستثمار المصرفي المنشود.


(١) بالنظر إلى هذا التصنيف نجد أن المضاربة العامة لا تختلف كثيرًا عن المضاربة المطلقة بل يمكن القول بأن كل مضاربة عامة تعتبر مضاربة مطلقة، والعكس صحيح، وإن يكن ثمة فرق بين المطلقة والعامة، فإنه يتمثل في نقطة التركيز لكل واحدة منهما، نعني أن، عموم المضاربة يكاد ينصرف إلى عموم مجالات عمل المضارب، وأما إطلاق المضاربة فإنه يشمل مجالات العمل والزمان والمكان والأشخاص وسوى ذلك، أما بالنسبة للعلاقة بين الخاصة والمقيدة، فتكاد هي الأخرى أن تكون متقاربة ومتطابقة نوعًا ما، وليس هنالك فرق سوى أن المضاربة الخاصة تنحصر في الأنواع الثلاثة، بينما المضاربة المقيدة تنتظم تلك الأنواع الثلاثة وسواها كتقييد صفة الشخص الذي يتعامل معه المضارب. نعني أن من حق رب المال تقييد صفة من يتعامل معه المضارب، وهذا التقييد لا يندرج ضمن الأنواع الثلاثة للمضاربة الخاصة، مما يعني أن كل مضاربة خاصة تعتبر مضاربة مقيدة، وليست كل مضاربة مقيدة مضاربة خاصة، ذلك لأن من المضاربة المقيدة ما ليست خاصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>