للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَ عَرَّفَ الله الأمة الإسلامية بمكانتها وفضلها؟

إن الحياة الإنسانية مجال صراع رهيب بين الأمم المختلفة، وكل أمة تدَّعي أنها الأفضل والأكمل، وأنها تستحق أن تغلب وتسود، وقد أخبر الله هذه الأمة بمكانتها كي لا تذل في مجال الصراع، ولا تهون في ميدان الخصام {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} . (١) لقد ادَّعي كل من اليهود والنصارى والوثنيين أنه الأفضل والأكمل، وأن غيره ليس على شيء {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} . (٢)

والذين لا يعلمون: هم مشركون العرب.

وغلا اليهود والنصارى في دعواهم عندما ادعوا أنهم أبناء الله وأحباؤه {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ} . (٣) ، وادعوا أن الجنة وقف عليهم {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (٤) ورتب كل فريق على دعواه مطالبة غيرة باتباع منهجه: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} . (٥) ولا تزال الأمم المختلفة إلى اليوم تدعي هذه الدعوى، لقد رفع هتلر شعار ألمانيا فوق الجميع، والشعب الأمريكي اليوم يشعر كأنه من طينة أخرى غير طينة البشر، وروسيا تدعي أنها جاءت العالم بإكسير السعادة.

إن اليهود كانوا في ميزان الله خير الأمم عندما استقاموا على الشريعة التي أنزلها الله تبارك وتعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} . (٦) {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} . (٧) . والنصارى كانوا أصحاب رسالة لهم في ميزان الله فضل عندما استقاموا على الدين الذي أنزله الله إليهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} . (٨) . ولكن اليهود والنصارى انحرفوا عن المسار، وتنكبوا الجادة، فأصبح اليهود مغضوبا عليهم، والنصارى ضالين، وهو في ميزان الله من الخاسرين، لقد غيروا وبدلوا فلعنهم الله، وغضب عليهم، وضرب عليهم الذلة والمسكنة، وهو لا يمثلون اليوم الفئة الفاضلة في ميزان الحق، وقد جاءت هذه الأمة من بعدهم لتكون الأمة الفاضلة.


(١) سورة آل عمران: الآية (١٣٩)
(٢) سورة البقرة: الآية (١١٣)
(٣) سورة المائدة: الآية (١٨)
(٤) سورة البقرة: الآية (١١١)
(٥) البقرة: الآية (١٣٥)
(٦) البقرة: الآية (٤٧)
(٧) الدخان: الآية (٣٢)
(٨) الصف: الآية (١٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>