للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل من شروط الإنجاب حسن القيام؟

ليس غريبًا بعد كل الذي أسلفنا أن نفهم أن القيود على الإنجاب التي تفرضها قاعدة: " لا ضرر ولا ضرار " وقاعدة: درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة جديرة بالاعتبار نظرًا لوضع الأمة الإسلامية اليوم ونظرًا لوضع القيم والأخلاق والمعاملات في عالمنا المعاصر.

هل ليجوز للفقيه المسلم – وخصوصًا إن كان يواكب الحياة في هذا العصر – أن يدعو إلى كثرة الإنجاب وأن يدعي تأثم المنظمين لنسلهم أو المحددين لهذا النسل بحسب قدرتهم على أداء الأمانة وبحسب طاقاتهم على الاضطلاع بالمسئولية: مسؤولية التكوين الإيماني السليم، وحسن التنشئة والتربية، ومسؤولية سد الحاجة والإنفاق من المال الحلال؟

هل يجوز لهذا الفقيه المسلم أن يقف عند نصوص الترغيب في كثرة النسل وينسى النصوص الكثيرة التي تعتبر هذا النسل مسؤولية عظيمة سواء المصرحة بذلك أو الملمحة إليه؟

ألم يقل القرآن على لسان زكريا: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} (١) فطلب الذرية الطيبة لا ذرية فحسب؛ لأن الذرية غير الطيبة ليست نعمة يصح بها التوجه والدعاء، وإنما هي مصيبة يجب التعوذ منها، ثم ألم يقل القرآن أيضًا على لسان عباد الرحمن: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} (٢) فهل كان يصح من هؤلاء الصالحين أن يقنعوا بغير الذرية التي تقر بها العين؟ وهل يستوي عند الله الصالح والطالح من الذرية أم إن الله تعالى يقول: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} (٣) وكيف ترجى عبادة الله – وهي صلاح من فاقد الصلاح؟


(١) ٣٨/آل عمران.
(٢) ٧٤/الفرقان.
(٣) ٥٦/الذاريات.

<<  <  ج: ص:  >  >>