للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما السنة المطهرة فقد اعتبرت الإنجاب مثل الزواج مسؤولية وعملًا يترتب عليه الثواب والعقاب، فقد روى البخاري بسنده من طريق بشر بن محمد السختياني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع ومسؤول عن رعيته ")) ، قال: " أو حسبت أن قد قال: والرجل راع في مال أبيه " (١) .

وهل يعذر الرجل إن هو أهمل الإنفاق على الأهل مع القدرة عليه؟ ألا يكون مآله السجن بجريمة إهمال العيال؟ وفيه ورد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت، وفي رواية: من يعول " (٢) .

فكيف يعذر عند الله بجريمة إهمال التربية والإخلال بحسن التنشئة الدينية والأخلاقية والسلوكية؟ أليس رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القائل في هذا الحديث الصحيح المتفق عليه: " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه كما تنتج الإبل من بهيمة جمعاء. هل تحس فيها من جدعاء؟ " (٣)

والقائل في حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه.

" لأن يؤدب الرجل ولده خير له من أن يتصدق بصاع " (٤) .

فيه تفضيل تأديب الأبناء، على عمل آخر وهو التصدق ببعض المال من وجهين:

- الوجه الأول: أن العمل الأول واجب والثاني تطوع.

- الوجه الثاني: أن ثواب العمل الأول أوفر عند الله وأجزل لأهميته.

وهو القائل أيضًا في حديث " ما نحل والد ولدًا من نحل أفضل من أدب حسن " (٥)

ثم أليس رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يأمرنا في حديثه الذي رواه ابن ماجة عن أنس بن مالك إذ قال صلى الله عليه وسلم: " أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم " (٦) .

فالواضح من هذا الحديث أن المأمور به هو إكرام الأولاد وذلك بالإحسان في تربيتهم وتأديبهم، لأن أدبهم هو الحد الأدنى والمقدار المفروض اللذان لا يجوز النزول عنهما.


(١) البخاري: وصايا (٩) ، بهذا اللفظ ورواه مسلم بلفظ قريب.
(٢) حديث: عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، رواه أبو داود والنسائي والحاكم وقال: صحيح الإسناد.
(٣) حديث أبي هريرة متفق عليه، اللفظ لمالك في الموطأ: جنائز (٥٢) ولأبي داود: سنة (١٧) عدد ٤٧١٤.
(٤) رواه الترمذي: بر (٣٣) ، وقال: حديث حسن غريب.
(٥) رواه الترمذي بر (٣٣) ، قال: حديث غريب وهو عندي حديث مرسل
(٦) ابن ماجه: أدب (٣) عدد ٣٦٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>