للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موقف الشريعة الإسلامية

من التعرض للإخصاب

لا أحب أن أقول منع الإخصاب لأن ذلك بيد الله وحده وليس الإنسان بقادر على منع الإخصاب، بل هو يتعاطى بعض الأسباب لمحاولة ذلك سواء بالوسائل البدائية الطبيعية كالعزل الذي اعتاد الفقهاء إطلاقه على منع الإخصاب، أو بما يقول مقام العزل من اتخاذ الحائل الذي يحول دون التقاء بويضة المرأة بالحيوان المنوي للرجل وهو الالتقاء الذي قد يتم عن طريق الإخصاب.

أو بالوسائل العلمية والتي لا تمنع التقاء الماءين، وإنما تفسد المناخ الطبيعي الذي يتم فيه الإخصاب عادة في الرحم، وقد يكون ذلك باستعمال بعض الأدوية والعقاقير أو باستعمال بعض الآلات التي توضع في الرحم فيصبح رافضا أن يستقر فيه أي شيء، على أن هذه الأدوية والعقاقير وهذه الآلات قد لا تتلائم مع أبدان بعض النساء أو أنها تصبح بتكرر الاستعمال لا تتلاءم معها لهذا احتاجت العملية إلى بحوث وفحوص وتجارب ومؤسسات ونفقات.

وإذا كانت الأحكام الشرعية في هذا الموضوع (موضوع العزل – أو موضوع التعرض للإخصاب بالطرق المستحدثة) قد أنيطت بما يترتب على ذلك بما يترتب على ذلك من تقليل النسل، فإن الوسائل الحديثة المستعملة في هذا المضمار والتي حلت محل الوسائل الطبيعية القديمة الخالية من مادة تؤثر على البدن، سواء على الأمد القريب أو البعيد ... قلت فإن هذه الوسائل الحديثة ليست كلها مباحة الاستعمال وليس حكمها واحدًا بالنسبة لكل النساء.

لأننا إذا أخذنا بالقاعدتين الكليتين الشرعيتين وهما:

أ- لا ضرر ولا ضرار

ب- ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.

نجد أن الشريعة تمنع كل دواء أو كل عقار أو آلة تلحق بمستعملها ضررًا عاجلًا أو آجلًا في سبيل التصدي للإخصاب والتوقي من الحمل والمتحمل للإثم والوزر هو الطبيب في الدرجة الأولى ولو لم يكن عالمًا، لأنه لا يعذر بجهله، ولأنه من المفروض في حقه أن لا يتعاطى مثل هذا الأمر قبل التأكيد والحصول على الخبرة، ويشارك الطبيب في هذا الوزر المتلقي للعلاج ذكرًا أو أنثى بشرط علمه بالخطر أو المضرة والله تعالى يقول: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (١) بعد هذا التفصيل في الوسائل، وبعد إخراج وسائل محاولة منع الإخصاب أو التوقي من الحمل الضار، لأنها ممنوعة لذاتها شرعًا فيكون المقدم عليها آثمًا وواقعًا تحت طائلة العقاب والتعزير، فإن البحث يبقى في وسائل محاولة منع الإخصاب أو التوقي من الحمل التي – لا ضرر فيها، هل يسمح الإسلام بتعاطيها بقصد تنظيم النسل أو تقليله وتحديده؟ فنقول وبالله التوفيق.


(١) ١٩٥/ البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>